الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الداعية إلى الله يبذل وسعه حتى يعبِّد الناس لربهم

السؤال

كنت قد أرسلت لكم أني اكتشفت أن أخي يشاهد الأفلام المخلة وهل يجوز أن أتحدث في هذا الأمر مع أخت في الله (والتي زوجها الشيخ يعرف أخي) بحيث يدعوه إلى الله دون أن يشعر أخي بشيء وقد تفضلتم بنصيحتي أنه يجوز ذلك مع الحذر ألا يعرف أخي شيئاً وبالفعل تحدثت مع هذه الأخت فقالت لي في بادئ الأمر ادعي له ولكن بعد فترة ومع شعوري بالحزن على أخي ولا أحد من المشايخ الذين يعرفهم يتصل به أو يسأل عن سبب امتناعه عن الذهاب للمسجد فتحدثت مرة أخرى لتلك الأخت وسألتها أين هؤلاء المشايخ والدعوة إلى الله مع أخي وهل الدعوة مقتصرة على درس في المسجد وطلبت منها أن يحاول زوجها الاتصال بهؤلاء المشايخ ثم سألتني ما السبب وراء انتكاسة أخي فقلت لها وهل إذا عرفنا السبب نستطيع حل المشكلة فقالت بالطبع عندما نعرف السبب نمشي في طريق الحل بناء على هذا السبب فقلت لها إنه يشاهد الأفلام المخلة (ولم أكن قلت لها من قبل عن هذا) وكذلك أني أشك أنه قد زنا والعياذ بالله ولكنها خذلتني وقالت لي: أنا لا أستطيع أن أقول لزوجي شيئا كهذا، فلماذا إذاً أتحدث معها؟! . ثم بعدها بيوم اتصلت بي وقالت إن زوجها شاهد أخي في الشارع فقال له نريد أن نراك في المسجد. وقالت لي جزاك الله خيراً على اهتمامك.وأنا مندهشة جداً من رد الفعل هذا أهذا الشيخ منتظر عندما يرى أخي في الشارع ليقول له نريد أن نراك في المسجد! وهل أتحدث معها لتقول لي جزاك الله خيراً على اهتمامك وكأنها تقول لي لا تحدثيني في هذا الأمر مرة أخرى وبالتالي لم أعد أتحدث معها بخصوص هذا الموضوع أنا في غاية الحزن من رد الفعل هذا ثم أين الدعوة إلى الله؟ ما رأيكم في هذا الأمر؟
وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك أن الدعوة إلى الله غير مقتصرة على الدروس التي تلقى في المساجد، بل ينبغي أن يوصل الداعية صوته إلى أبعد من الحاضرين فيها، فيبلغ صوته الآفاق بقدر المستطاع، وإن المتأمل في سيرة الأنبياء وأولي العزم من الرسل يجد أنهم قد بذلوا غاية الوسع في الدعوة إلى الله حتى أعذروا إلى ربهم، فهذا نبينا يدعو إلى الله من حضره من الناس، ثم يذهب إلى من لم يحضره في أسواقهم ونواديهم، ويعرض نفسه على القبائل في المواسم ونحو ذلك حتى بذل كل ما في وسعه في تعبيد الناس لربهم كما يحب ويرضى وتخليصهم من عبادة غير الله تعالى، ولم يكتف بدعوته المباشرة بل أرسل رسله إلى العالمين يدعوهم إلى الإسلام واستقبل الوفود، وجاهد صلى الله عليه وسلم حق الجهاد في إعلاء كلمة الله وتبليغ دعوة الإسلام إلى كل المعمورة حتى أتاه اليقين من ربه.

وهذا نوح على نبينا وعليه الصلاة والسلام يصور لنا القرآن بذله لوسعه في دعوة قومه واستفراغ طاقته في محاولة هدايتهم، قال تعالى حكاية عنه: قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا * وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا * ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا * ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا {نوح: 5- 9}.

فهو يأتيهم في الليل والنهار، ويجهر بدعوته حيناً ويسر لهم بها حينا، وكلما فروا تبعهم ليسمعهم كلام الله، فيسدوا آذانهم من كثرة كلامه لهم، فيعرض عليهم اتباعه فيغطوا أعينهم حتى لا يروا، وهكذا الداعية الناصح لقومه، يبذل لهم كل النصح ويسمعهم كلمة الحق وإن كرهوا سماعها، ولا ينتظرهم حتى يأتوه.

وبالنسبة لأخيك، قومي أنت بنصحه، إما نصيحة غير مباشرة بأن تجعليه يسمع بعض الأشرطة أو يقرأ بعض المطويات التي فيها الزجر عن اقتراف المحرمات وتذكريه بالله، أو تنصحيه نصيحة مباشرة بلغة رقيقة حنونة ملؤها الشفقة عليه والخوف على مصيره، وأن لذات الدنيا فانية، ويذهب عبيرها ويبقى الذنب مسطوراً في صحيفة عمله، واستعيني في نصحه بالفتاوى ذات الأرقام التالية: 1256، 3605، 6617، 59061.

واتخذي بعض التدابير المذكورة في الفتوى رقم: 64616.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني