الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الدعوة إلى الله وتجنب الغضب وعقوق الوالدين

السؤال

هل الاختلاط في المدارس حرام حتى إن تقيد بشروط غض البصر وعدم المصافحة وإن صح التعبير عدم الكلام إلا في الضرورة؟
ملاحظة أنا أقطن ببلد ليست فيه ثانويات غير مختلطة
أنا فتاة أدعو صديقاتي للحجاب أتعلم أمر ديني وأبلغها لصديقاتي لاني أعلم مدى وجوب الدعوة عى كل مسلم لكن المشكلة تكمن في أنهن يعجبن بي و يحببني و كذلك أساتذتي وأنا لا أقصد بعملي إلا ابتغاء وجه الله و لكن عندما أكون في البيت رغم أني أحاول أن أرضي والدي ولا أغضبهما لكني أفعل بعض التصرفات عن غير قصد قد تغضبهما كانفلات أعصابي مع إخوتي وهذا ما يجعلني أحس وكأنني منافقة ومرائية فهل هذا صحيح؟ المرجو عدم إحالتي إلى أي فتوى و جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالدراسة في المدارس المختلطة كما هو شائع اليوم من الأمور المنكرة المحرمة؛ وذلك لأنها لا تخلو في الغالب من المنكرات، ولكن قد تدعو الضرورة والحاجة إليها فتباح بقدر ذلك مع الالتزام بالآداب الشرعية في الهيئة والحركة والحديث بالنسبة للرجل أو المرأة. كما بينا في الفتوى رقم:5310، وبناء عليه فإن كنت لا تجدين مدرسة غير مختلطة وأنت بحاجة إلى الدراسة للعمل أو غيره وأمنت على نفسك من الفتنة، والتزمت بآداب الشرع في الملبس والحديث وغيره، فنرجو ألا يكون عليك بأس حينئذ في الدراسة بها.

وأما ما ذكرت من دعوتك لصديقاتك بالحجاب والالتزام فهو من الأمر بالمعروف والتناصح في الخير والتواصي بالحق، فجزاك ربك خير الجزاء ووفقك لما يحبه ويرضاه، وسدد خطاك، وهيأ لك من أمرك رشدا؛ إنه سميع مجيب.

ولا يضيرك ما تجدينه من الوساوس وما يختلج بداخلك من خشية الوقوع في الرياء والنفاق ما دامت نيتك خالصة فيما تقومين به من البر وعمل الخير. فقد شكى الصحابة رضوان الله عليهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك ففي الحديث الذي يرويه مسلم في صحيحه عن حنظلة الأسيدي قال: لقيني أبو بكر فقال: كيف أنت يا حنظلة؟ قلت: نافق حنظلة. قال: سبحان الله ما تقول! قال: قلت: نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات فنسينا كثيرا. قال أبو بكر: فوالله إنا لنلقى مثل هذا. فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: نافق حنظلة يا رسول الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وما ذاك؟". قلت: يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيرا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده إن لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة، ثلاث مرات.

ولكن عليك أن تجتهدي في البعد عما يغضب والديك؛ لأن إغضابهما من العقوق المحرم، وكذا رفع الصوت عليهما. ونوصيك بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث جاءه رجل فقال، أوصني قال "لا تغضب. فردد مراراً قال: لا تغضب رواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وفي رواية أحمد وابن ‏حبان: ففكرت حين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال، فإذا الغضب يجمع الشر ‏كله. وروى الطبراني من حديث سفيان بن عبد الله الثقفي قلت: يا رسول الله قل لي قولاً أنتفع به وأَقلل: قال: لا تغضب، ولك الجنة".

قال ابن التين: جمع صلى الله عليه وسلم في قوله "لا تغضب" خير الدنيا والآخرة؛ لأن الغضب يؤول إلى التقاطع ومنع الرفق، وربما آل إلى أن يؤذي المغضوب عليه فينتقص ذلك من الدين. ولمعرفة دفع الغضب وسبل علاجه انظري الفتوى رقم: 8038.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني