الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                معلومات الكتاب

                الأشباه والنظائر على مذاهب أبي حنيفة النعمان

                ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                صفحة جزء
                [ ص: 5 ] كتاب الوكالة .

                1 - الأصل أن الموكل إذا قيد على وكيله [ ص: 6 ] فإن كان مفيدا 3 - اعتبره مطلقا وإلا لا ، 4 - وإن كان نافعا من وجه ضارا من وجه ، 5 - فإن أكده بالنفي اعتبر وإلا لا ، وعليه فروع منها : 6 - بعه بخيار فباعه بغيره لم ينفذ لأنه مفيد . 7 -

                بعه من فلان فباعه من غيره كذلك ، وهما في المحيط .

                ومن هذا النوع : بعه بكفيل [ ص: 7 ] بعه برهن ، وبعه نسيئة فباعه نقدا ، 9 - بخلاف بعه نسيئة له بيعه نقدا ، ولا تبع إلا نسيئة ، له بيعه نقدا 10 - بعه في سوق كذا فباعه في غيره نفذ .

                لا تبعه إلا في سوق كذا لا . ونظيره بعه بشهود ، لا تبعه إلا بشهود . فلا مخالفة مع النهي إلا في قوله : لا تبع إلا بالنسيئة [ ص: 8 ]

                وفي قوله لا تسلم حتى تقبض الثمن كما في الصغرى فله المخالفة ، 12 - بخلاف لا تبع حتى تقبض . 13 -

                لأن التسليم من الحقوق ، وهي راجعة إلى الوكيل فلا يملك النهي

                [ ص: 5 ]

                التالي السابق


                [ ص: 5 ] قوله : والأصل أن الموكل إذا قيد إلخ .

                قال في المحيط : إن الموكل متى شرط في البيع على الوكيل شرطا ينظر ، إن كان نافعا مفيدا من كل وجه ، يجب على الوكيل مراعاة شرطه إن أكده بالنفي أو لا وإن كان شرطا لا يفيد ولا ينفعه بل يضره لا تجب عليه مراعاته ، وإن أكده بالنفي وإن كان شرطا مفيدا نافعا من وجه ، ضارا من وجه إن أكده بالنفي تجب مراعاته وإن لم يؤكده بالنفي لا تجب مراعاته لأنه متى أكده بالنفي دل على إرادة وجوده لأن إدخال حرف التأكيد والتأييد في الكلام يدل على زيادة المبالغة في إرادة إيجاده

                مثال الأول بعه بخيار فباع بغير خيار ، لا يجوز .

                فإن شرط الخيار نافع مفيد من كل وجه لأنه لا يزيل ملكه للحال فيجب على الوكيل رعايته .

                ومثال الثاني لو قال بع هذا العبد بنسيئة أو قال لا تبع إلا بالنسيئة فباع بالنقد جاز لأن هذا شرط غير مفيد لأن البيع بالنسيئة يضره وبالنقد ينفعه فلم تجب عليه رعايته .

                ومثال الثالث ادفع بشهود أو بحضرة فلان فدفع بغير ذلك لم يضمن وإن قال لا تدفع إلا بشهود أو بحضرة فلان فقضاه بغير شهود أو بغير حضرة فلان يضمن كما في الوكيل بالبيع .

                قالوا هذا إذا كان رجلا رفيع القدر يحتشم الناس مخالفته وإن كان وضيع القدر لا يصير مخالفا لأنه شرط شرطا لا يفيد فلا يجب على المأمور مراعاته [ ص: 6 ] وإن أكده بالنفي كما لو قال لا تبع إلا بألف أو لا تبع إلا بالنسيئة فباع بألفين أو بالنقد جاز لأنه غير مفيد أصلا ( انتهى ) .

                وبه يحصل زيادة إيضاح لما ذكره المصنف رحمه الله تعالى . ( 2 ) قوله :

                فإن كان مفيدا .

                أي من كل وجه . ( 3 ) قوله :

                اعتبر مطلقا .

                يعني سواء أكده بالنفي أو لا . ( 4 ) قوله :

                وإن كان نافعا من وجه ضارا من وجه إلخ .

                كما لو قال بعه في سوق كذا فباع في غير ذلك السوق جاز لأن هذا شرط قد ينفعه وقد لا ينفعه . ( 5 ) قوله :

                فإن أكده بالنفي إلخ .

                اعتبر الشرط وجزاؤه جزاء للشرط الأول ولذا اقترن بالفاء وجوبا وأراد بالنفي النهي . ( 6 ) قوله :

                بعه بخيار فباعه بغيره لم ينفذ لأنه مفيد من كل وجه ووجه الإفادة تمكنه من الفسخ بالخيار . ( 7 ) قوله :

                بعه من فلان فباعه من غيره كذلك إلخ .

                أي لم ينفذ بخلاف ما لو قال بعه وباعه من فلان كان له أن يبيعه من غيره ، والفرق كما في الخانية : أن قوله وبعه من فلان يبقى مشورة بخلاف قوله بعه من فلان فإنه قيد فيه فينبغي أن لا يجوز بيعه من غيره كما لو قال لا تبع إلا من فلان فباعه من غيره لا يجوز .

                وفي المبسوط الوكيل بالبيع من فلان لا يبيع من غيره لأن المقصود الثمن وإنما رضي بكونه في ذمة من سماه لأن الناس يتفاوتون في ملاءمة الذمم فلا يجوز بيعه من غير سماع .

                وفي [ ص: 7 ] البزازية بعه من فلان فباعه من غيره جاز ، وفي الكافي لا يجوز .

                قال العلامة عبد البر ابن الشحنة في شرح الوهبانية وإذا تأملت فيما ذكروا من الأصل رأيت أن من قال بالجواز في : بعه من فلان فباع لغيره رأى أن هذا مفيد من وجه فقط ولم يوجد التأكيد بالنفي ومن قال لا يجوز بيعه من غير رآه مفيدا من كل وجه . ( 8 ) قوله :

                بعه برهن وبعه نسيئة إلخ .

                قيل : الظاهر أنها صورة واحدة قيد فيها البيع بقيدين : كونه نسيئة وكونه برهن وإنما لم ينفذ إذا باعه نقدا لأن ما أمر به نفع من كل وجه لأن بالرهن يأمن النوى وبالنسيئة يزيد الثمن فإذا باعه نقدا فأتت زيادة الثمن بخلاف ما إذا اقتصر على قيد النسيئة فإن القيد نافع من وجه وهو زيادة الثمن دون وجه وهو احتمال النوى ولم يؤكده بالنفي وما كان كذلك لا يلزم فيه القيد كما قرر ( انتهى ) .

                وبه سقط ما قيل : الظاهر أن صواب العبارة بعه نقدا فباعه نسيئة بدليل قوله بخلاف بعه نسيئة له بيعه نقدا . ( 9 ) قولة :

                بخلاف بعه نسيئة ، له بيعه نقدا .

                قيل : ظاهره أنه لا فرق بين أن يبيع بالنقد بمثل ما يباع .

                بالنسيئة أو لا وهو كذلك على ما رجحه في المضمرات بأن عليه الفتوى وفي الخلاصة وجامع البزازية لو قال بعه إلى أجل فباعه نقدا قال الإمام السرخسي : الأصح أنه لا يجوز بالإجماع كما في التنوير . . ( 10 ) قوله :

                بعه في سوق كذا فباعه في غيره نفذ إلخ .

                قيل عليه : هو ظاهر فيما إذا استوى السوقان لعدم إفادة التقييد حينئذ ، أما عند التفاوت فالظاهر عدم النفوذ لظهور إفادة التقييد إذ تفاوت الأسواق بكثرة الرغبة وقلتها مشاهد معلوم ( انتهى ) . [ ص: 8 ] قوله : وفي قوله لا تسلم حتى تقبض الثمن إلخ .

                قال في الوجيز شرح الجامع الكبير : ولو دفع إليه عبدا وأمره بالبيع ونهاه عن التسليم بعد البيع حتى يقبض الثمن قال محمد : النهي باطل .

                وقيل أبو حنيفة معه .

                وقال أبو يوسف يصح حتى لو سلم يضمن الثمن إن هلك وإلا له أن يسترد وكذا لو باع ثم نهاه عن التسليم ( انتهى ) .

                فكان على المصنف رحمه الله أن ينبه على الخلاف . ( 12 ) قوله :

                بخلاف لا تبع حتى تقبض الثمن إلخ .

                فإنه لا تجوز المخالفة قال في الخانية ولو وكله بالبيع ثم نهاه عن البيع حتى يقبض الثمن فباع قبل قبض الثمن وسلم المبيع كان البيع باطلا حتى يسترد المبيع من المشتري ثم يبيع . ( 13 ) قوله :

                لأن التسليم من الحقوق إلخ .

                علة لجواز المخالفة في قوله لا تسلم حتى تقبض الثمن لا علة لقوله لا تبع حتى تقبض الثمن كما هو ظاهر




                الخدمات العلمية