الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                إذا 21 - رأى المولى عبده يبيع ويشتري فسكت كان مأذونا [ ص: 172 ] إلا إذا كان المولى قاضيا كما في الظهيرية

                التالي السابق


                ( 21 ) قوله : إذا رأى المولى عبده يبيع ويشتري فسكت كان مأذونا .

                قيل عليه إطلاقه يشمل ما إذا رآه يبيع ملك المولى أو ملك الأجنبي ، وليس كذلك فإنه لو رآه يبيع ملك المولى ، وسكت لا يكون إذنا في التجارة كما في الدرر والغرر نقلا عن الخانية أقول : كلام الخانية مضطرب ، فإنه قال في أول باب المأذون وإذا رأى المولى عبده يبيع عينا من أعيان المالك فسكت لم يكن إذنا .

                وقال بعد أسطر : ولو رأى عبده في حانوته يبيع متاعه فسكت حتى باع متاعا كثيرا من ذلك كان إذنا ولا ينفذ على المولى بيع العبد ذلك المتاع .

                ثم قال : ولو أن رجلا دفع إلى عبد رجل متاعا ليبيعه فباع بغير إذن المولى فرآه المولى ، ولم ينهه كان إذنا له في التجارة ، ويجوز ذلك البيع على صاحب المتاع وتكلموا في العهدة ; قال بعضهم : ترجع إلى الآمر وعند البعض ترجع إلى العبد ثم قال ، ولو رأى المولى عبده يشتري بدراهم المولى أو دنانيره فلم ينهه يصير مأذونا [ ص: 172 ] فأخذ صاحب الدرر والغرر من قول قاضي خان ولو أن رجلا دفع إلى عبد رجل متاعا ليبيعه فباع بغير إذن المولى فرآه ولم ينهه كان إذنا له في التجارة .

                ومن قوله أول الباب : وإذا رأى المولى عبده يبيع عينا من أعيان المالك فسكت لم يكن إذنا ما ذكره وغفل عما يناقضه بعد أسطر في كلام قاضي خان حيث قال : ولو رأى عبده في حانوته يبيع متاعه فسكت حتى باع متاعا كثيرا من ذلك كان إذنا ، وغفل عن قوله أيضا ، ولو رأى عبده يشتري شيئا بدراهم المولى أو دنانيره فلم ينهه يصير مأذونا .

                وغير خاف على أولي الألباب أن ما ذكره صاحب الدرر مع هذا التناقض غير صواب ، والحق ما ذكره المحفوف بالعناية العلامة صاحب الهداية حيث قال بعد كلام : ثم الإذن كما يثبت بالصريح يثبت بالدلالة كما إذا رأى عبده يبيع ويشتري فسكت يصير مأذونا له عندنا خلافا لزفر والشافعي ولا فرق بين أن يبيع عينا مملوكا للمولى أو للأجنبي بإذنه أو بغير إذنه بيعا صحيحا أو فاسدا ; لأن كل من يراه يظنه مأذونا فيها فيعاقده فيتضرر به لو لم يكن مأذونا له ، ولو لم يكن المولى راضيا به لمنعه دفعا للضرر عنهم ( انتهى ) .

                بقي أن يقال : يؤخذ من إطلاق صاحب الهداية أنه لا فرق بين أن يكون المولى قاضيا أم لا وغير خاف أن ما في المتون والشروح ولو كان بطريق المفهوم مقدم على ما في الفتاوى وإن لم يكن في عبارتها اضطراب فكيف مع ما ذكرنا من الاضطراب .

                ( 22 ) قوله : إلا إذا كان المولى قاضيا .

                أقول : لم يذكر صاحب الظهيرية هذه المسألة على طريق الاستثناء ، وذكرها قاضي خان في فتاويه لا على طريق الاستثناء ، فقال القاضي إذا رأى عبده يبيع ويشتري فسكت لم يكن إذنا ( انتهى ) .

                وقد قدمنا قريبا أن إطلاق صاحب الهداية يفهم منه أنه لا فرق بين أن يكون المولى قاضيا أو لا .

                وأن ما في المتون والشروح يقدم على ما في الفتاوى




                الخدمات العلمية