الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                معلومات الكتاب

                الأشباه والنظائر على مذاهب أبي حنيفة النعمان

                ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                صفحة جزء
                الوكيل إذا أجاز فعل الفضولي . 76 - أو وكل بلا إذن وتعميم وحضره فإنه ينفذ على الموكل لأن المقصود حضور رأيه ، إلا في الوكيل بالطلاق والعتاق لأن المقصود عبارته ، والخلع والكتابة كالبيع كما في منية المفتي .

                الشيء المفوض إلى اثنين لا يملكه أحدهما ، 77 - كالوكيلين [ ص: 35 - 36 ] والوصيين [ ص: 37 ] والناظرين 80 - والقاضيين والحكمين والمودعين والمشروط لهما الاستبدال والإدخال والإخراج 81 - إلا في مسألة ما إذا شرط الواقف النظر له أو الاستبدال مع فلان فإن للواقف الانفراد دون فلان كما في الخانية من الوقف .

                الوكيل لا يكون وكيلا قبل العلم بالوكالة إلا في مسألة علم المشتري بالوكالة ، ولم يعلم الوكيل البائع بكونه وكيلا 82 - كما في البزازية ، [ ص: 38 ] وفي مسألة ما إذا أمر المودع بدفعها إلى فلان فدفعها له ولم يعلم بكونه وكيلا ، وهي في الخانية ، بخلاف ما إذا وكل رجل بقبضها ولم يعلم المودع والوكيل بالوكالة فدفعها له 84 - فإن المالك مخير في تضمين أيهما شاء إذا هلكت ، وهي في الخانية أيضا

                التالي السابق


                ( 76 ) قوله :

                أو وكل بلا إذن وتعميم وحضره فإنه ينفذ على الموكل

                يفيد صحة التوكيل بلا إذن وتعميم وهو مخالف لقوله آنفا ولا يوكل بلا إذن وتعميم إذ مفاده عدم صحة التوكيل بلا إذن وتعميم فتأمل . ( 77 ) قوله : كالوكيلين .

                محله إذا وكلهما معا وكان يمكن اجتماعهما وكان يحتاج إلى الرأي أما إذا وكلهما على التعاقب فينفرد أحدهما بالتصرف وأما إذا كان لا يمكن [ ص: 35 ] اجتماعهما فينفرد أيضا بالتصرف كالخصومة وأما ما لا يحتاج إلى الرأي كالطلاق والعتاق بغير مال فينفرد أحدهما بالتصرف .

                نص على ذلك الزيلعي وشمل إطلاقه ما إذا كانا مميزين تلزمهما الأحكام أو أحدهما صبي أو عبد محجور وهو كذلك لأن الموكل رضي برأيهما لا برأي أحدهما فلو مات أحدهما أو ذهب عقله ليس للآخر أن يتصرف وقال في المجمع وشرحه لابن الملك وإذا وكل اثنين لم ينفرد أحدهما بالتصرف في كل تمليك بلا بدل كما إذا قال أمر امرأتي بيدكما فإنه تمليك الطلاق بعوض وغيرهما لأنه يحتاج فيه إلى الرأي ; والموكل إنما رضي برأيهما فلا ينفذ برأي أحدهما وفيما عدا هذين .

                الموضعين ينفرد أحدهما كالطلاق بلا عوض وفي التبيين هذا إذا وكلهما بكلام واحد وإن وكلهما بكلامين جاز تفرد أحدهما لأنه رضي برأي كل منهما على الانفراد وقت توكيله بخلاف الوصيين حيث لا يجوز تصرف أحدهما وإن جعلا وصيين بكلام في الأصح لأن وجوب الوصية بالموت وعند الموت صارا وصيين جملة واحدة ثم قال وأجزناه أي تفرد أحد الوكيلين في الخصومة وقال زفر ولا يجوز ( انتهى ) .

                ومنه يعلم أن قول المصنف رحمه الله كالوكيلين ليس على إطلاقه ويرد على قول شارح المجمع وفيما عدا هذين الموضعين ينفرد أحدهما ما في البدائع : الوكيلان بقبض الدين لا يملك أحدهما أن يقبض دون صاحبه لأن الدين مما يحتاج إلى الرأي والأمانة وقد فوض الرأي إليهما جميعا لا إلى أحدهما ورضي بأمانتهما جميعا لا بأمانة أحدهما وإن قبض أحدهما لا يبرأ الغريم حتى يصل ما قبضه إلى صاحبه فيقع في أيديهما أو يصل إلى الموكل لأنه لما وصل المقبوض إلى صاحبه أو إلى الموكل فقد حصل المقصود بالقبض فصار كأنهما قبضا ابتداء ( انتهى ) .

                قيل ويرد عليه رد الوديعة والعارية والغصب قضاء والدين فإن لأحد الوكيلين فيها أن ينفرد ويمكن أن يجاب عن الوكيل بقضاء الدين بأن يقال قوله وفي كل تمليك يدخل فيه التوكيل بقضاء الدين إذ هو تمليك الدين ممن عليه الدين ; تأمل .

                وكذا يرد عليه ما في المبسوط : لو وكل الموهوب له رجلين بقبض الهبة فقبضها أحدهما لم يجز لأنه رضي بأمانتهما فلا يكون راضيا بأمانة أحدهما وكذا لو وكل الواهب رجلين في الرجوع لم يكن لأحدهما أن ينفرد دون صاحبه لأنهما وكيلان بالقبض فإن الرجوع في الهبة لا يتم إلا بإثباته على [ ص: 36 ] الموهوب وقد بينا أن الوكيلين بالقبض لا ينفرد أحدهما دون صاحبه كما في المبسوط في باب الوكالة بالهبة . ( 78 ) قوله :

                والوصيين .

                ظاهر إطلاقه أنه لا فرق بين أن يكون أوصى لهما معا أو متعاقبا وهو كذلك على ما صححه في الخلاصة والبزازية : واعلم أنه يستثنى من ذلك مسائل ينفرد فيها بالتصرف أحد الوصيين ، الأولى : تجهيز الميت ، الثانية : شراء ما لا بد منه للصغير كالطعام والكسوة ، الثالثة : بيع ما يخشى عليه التلف ، الرابعة : تنفيذ الوصية المعينة الخامسة : قضاء دين الميت إذا كان في التركة من جنسه ، السادسة الخصومة ، السابعة : رد المغصوب ، الثامنة : رد الودائع ، التاسعة : قبول الهبة ، العاشرة : جمع الأموال الضائعة ، الحادية عشرة : رد المشتري فاسدا ، الثانية عشرة : قسمة ما يكال أو يوزن ، الثالثة عشرة : إجارة اليتيم الرابعة عشرة : أوصى أن يتصدق على فقير بكذا وعينه ، الخامسة عشرة : إعتاق النسمة المعينة السادسة عشرة : حفظ الأموال وظاهر الإطلاق أنه لا فرق بين أن يكون نصبهما الميت أو نصبهما القاضي أو نصبهما قاضيان ببلدتين وليس كذلك فإنه في مسألة ما لو نصب كل واحد منهما قاضي بلدة جاز أن ينفرد كل واحد منهما بالتصرف في مال الميت لأن كل واحد من القاضيين لو تصرف جاز فكذا نائبه فلو أراد أحد القاضيين عزل المتولي الذي نصبه القاضي الآخر جاز إذا رأى المصلحة في ذلك .

                كذا في الملتقطات فهذا تقييد لكلام المصنف .

                قال بعض الفضلاء : وفي قول الملتقطات فكذا نائبه نظر ظاهر لما تقرر أن وصي القاضي نائب عن الميت لا عن القاضي حتى تلحقه العهدة بخلاف أمين القاضي لأنه نائب عنه فلا تلحقه العهدة ومقتضى كون وصي القاضي نائبا عنه أن لا يكون القاضي محجورا عن التصرف في مال اليتيم والمنقول أنه محجور عن التصرف في مال اليتيم مع وجود وصيه ولو منصوبه بخلاف مع أمينه ومقتضاه أيضا ألا يملك القاضي شراء مال اليتيم من وصي نصبه كما لو كان أمينه والحكم بخلافه كما في غالب كتب المذهب .

                والمراد من عدم الملك في كلام المصنف عدم نفاذ التصرف وحده لا عدم صحته كما في الإصلاح فلو باع أحدهما بحضرة صاحبه فإن أجاز جاز وإلا فلا . [ ص: 37 ] قوله : والناظرين .

                أقول محله ما إذا كان الناصب لهما قاضيا واحدا أو كانا منصوبي الواقف أما لو كان كل واحد منهما منصوب قاضي بلد فينفرد أحدهما بالتصرف كما في الوصيين ولو أن واحدا من هذين القاضيين أراد أن يعزل القيم الذي أقامه القاضي الآخر فإن رأى المصلحة في ذلك كان له ذلك وإلا فلا .

                كذا نقله المصنف في الشرح عن الخانية . ( 80 ) قوله :

                والقاضيين .

                قيل : ليس المراد أن السلطان إذا قلد شخصين قضاء بلدة ليس لأحدهما الانفراد بالقضاء في غيبة الآخر كما يتوهم ، وإنما المراد إذا فوض أمرا إلى قاضيين متوليين قبل تفويض الأمر ليس لأحدهما الانفراد بالتصرف في ذلك الأمر بدون رأي الثاني ( انتهى ) . أقول : ما نفي أن يكون مرادا هو المصرح به كما في منية المفتي وعبارتها : السلطان أو الإمام الأكبر فوض قضاء ناحية إلى اثنين فقضى أحدهما لم يجز كأحد وكيلي بيع . ( 81 ) قوله :

                إلا في مسألة ما إذا شرط الواقف النظر له أو الاستبدال مع فلان .

                يستفاد منه أن الناظرين أعم من أن يكون المفوض أو غيره وعلى هذا فالاستثناء متصل لا منقطع . ( 82 ) قوله :

                كما في البزازية .

                نص عبارتها : وفي الجامع الصغير .

                الوكيل قبل علمه بالوكالة لا يكون وكيلا ولا ينفذ تصرفه وعن الثاني خلافه .

                وأما إذا علم المشتري [ ص: 38 ] بالوكالة واشترى منه ولم يعلم البائع الوكيل كونه وكيلا بالبيع بأن كان المالك قال للمشتري اذهب بعبدي إلى زيد فقل له حتى يبيعه بوكالته عني منك فذهب به إليه ولم يخبره بالتوكيل فباعه هو منه فالمذكور في الوكالة أنه يجوز وجعل معرفة المشتري بالتوكيل كمعرفة البائع وفي المأذون ما يدل عليه فإن المولى إذا قال لأهل السوق بايعوا عبدي فبايعوه ولم يعلم به العبد صح .

                وفي الزيادات أنه لا يجوز وليست الوكالة كالوصاية فإن الموصى له إذا باع من التركة قبل علمه بالوصاية والموت ; يصح لأنها خلافة كالوراثة وتصرف الوارث قبل علمه بالوراثة والموت يصح وفائدة كونه وصاية عدم تمكنه من إخراج نفسه من الوصاية لعدم ملكه ذلك بعد القبول بخلاف الوكالة فإنهما أمر ونهي فتعتبر بأوامر الشارع وأنه لا يلزم بلا علم واللزوم بلا علم في دار الإسلام لحصول العلم تقديرا لشيوع الخطاب فاندفع دار الحرب لعدم الشيوع فيه لعدم كونه دار الأحكام ( انتهى ) ومنه يعلم ما في كلام المصنف رحمه الله من عدم بيان الخلاف وأن الاستثناء المذكور إنما يتم على أحد القولين . ( 83 ) قوله :

                وفي مسألة ما إذا أمر المودع بدفعها إلى فلان فدفعها له ولم يعلم بكونه وكيلا إلخ .

                أي عن فلان فالدفع جائز ولا ضمان على واحد منهما لأن المستودع يلي الدفع بالإذن كما في البزازية . ( 84 ) قوله :

                فإن المالك مخير في تضمين أيهما شاء إذا هلكت .

                يعني لعدم الإذن بالدفع .




                الخدمات العلمية