الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                معلومات الكتاب

                الأشباه والنظائر على مذاهب أبي حنيفة النعمان

                ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                صفحة جزء
                [ ص: 39 ] كتاب الإقرار 1 - المقر له إذا كذب المقر بطل إقراره ، إلا في الإقرار بالحرية والنسب وولاء العتاقة كما في شرح المجمع معللا بأنها لا تحتمل النقض ، ويزاد الوقف فإن المقر له إذا رده ثم صدقه صح ، 2 - كما في الإسعاف ، [ ص: 40 ] والطلاق والنسب والرق 4 - كما في البزازية

                [ ص: 39 ]

                التالي السابق


                [ ص: 39 ] قوله : المقر له إذا كذب المقر بطل إقراره .

                أقول : فلو عاد المقر إلى الإقرار ثانيا فصدقه المقر له صح ويكونان قد توافقا على الثاني .

                قال في التتارخانية ثم في كل موضع بطل الإقرار برد المقر له لو عاد المقر إلى ذلك الإقرار وصدقه المقر له كان للمقر له أن يأخذه بإقراره ، وهذا استحسان ، والقياس أن لا يكون له ذلك .

                وفي الذخيرة وصدقه المقر له بأن قال لك علي ألف درهم فقال المقر له أجل لي عليك ولو أقر رجل بالبيع وجحد المشتري ووافقه المقر في الجحود أيضا ثم إن المقر له ادعى الشراء لا يثبت الشراء وإن أقام المشتري بينة على ذلك ولو صدقه البائع على الشراء ثبت الشراء ( انتهى ) .

                أقول وجه القياس أن الإقرار الثاني عين المقر به أولا فالتكذيب في الأول تكذيب في الثاني ووجه الاستحسان أنه يحتمل أنه كذبه بغير حق لغرض من الأغراض الفاسدة فانقطع عنه ذلك الغرض فرجع إلى تصديقه فجاء الحق وزهق الباطل .

                ( 2 ) قوله : كما في الإسعاف .

                عبارته : ولو أقر لرجلين بأرض في يده أنها وقف عليهما وعلى أولادهما ونسلهما أبدا ثم من بعدهم على المساكين فصدقه أحدهما وكذبه الآخر ولا أولاد لهما ولا نسل لهما يكون نصفها وقفا على المصدق منهما والنصف الآخر للمساكين .

                ولو رجع المنكر إلى التصديق رجعت الغلة إليه وهذا بخلاف ما لو أقر لرجل بأرض فكذبه المقر له ثم صدقه فإنها لا تصير له ما لم يقر له ثانيا والفرق أن الأرض المقر بوقفيتها لا تصير ملكا لأحد بتكذيب المقر له فإذا رجع يرجع إليه والأرض المقر بكونها ملكا ترجع إلى ملك المقر بالتكذيب . [ ص: 40 ] قوله : والطلاق والنسب والرق .

                أقول فيه : إن النسب قد تقدم في المستثنيات فلا وجه لذكره .

                قيل ويزاد ما إذا قال المديون : أبرئني فأبرأه فإنه لا يرتد بالرد كما في البزازية وكذا إبراء الكفيل فإنه لا يرتد بالرد كما في البحر ( انتهى ) .

                أقول : لا وجه لزيادة ذلك لأن كلام المصنف رحمه الله مفروض فيما استثنى من قولهم : المقر له إذا كذب المقر بطل إقراره لا فيما استثنى مما يرتد بالرد .

                ( 4 ) قوله : كما في البزازية .

                عبارتها في الفصل الثاني من كتاب الإقرار : قال لآخر أنا عبدك فرده المقر له ثم عاد إلى تصديقه فهو عبده ولا يبطل الإقرار بالرق بالرد كما لا يبطل بجحود المولى بخلاف الإقرار بالدين والعين حيث يبطل بالرد

                والطلاق والعتاق لا يبطلان بالرد لأنه إسقاط يتم بالمسقط وحده .

                في يده عبد فقال لرجل هو عبدك فرده المقر له ثم قال بل هو عبدي وقال المقر هو عبدي فهو لذي اليد المقر ولو قال ذو اليد لآخر هو عبدك فقال لا بل هو عبدك ثم قال الآخر بل هو عبدي وبرهن لا تقبل للتناقض .

                باع المقر بالرق ثم ادعى الحرية لا تسمع ولو برهن تقبل لأن العتق لا يحتمل الرد والحرية لا تحتمل النقض فتقبل بلا دعوى وإن كان الدعوى شرطا في حرية العبد عند الإمام ; وأما من قال بأن التناقض هنا عفو لخفاء العلوق وتفرد المولى بالإعتاق يقتضي أن تقبل الدعوى أيضا كما مر في كتاب الدعوى : رجل وامرأته مجهولان أقرا بالرق ولهما أولاد لا يعبرون عن أنفسهم نفذ إقرارهما على أولادهما أيضا وإن عبروا وادعوا الحرية جاز ولو له أمهات أولاد ومدبرون فإقراره بالرق لا يعمل في حقهما




                الخدمات العلمية