الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                معلومات الكتاب

                الأشباه والنظائر على مذاهب أبي حنيفة النعمان

                ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                صفحة جزء
                [ ص: 60 ] وأما مجرد الإقرار للوارث فموقوف على الإجازة ; سواء كان بعين أو دين أو قبض دين منه أو إبراء .

                إلا في ثلاث : لو أقر بإتلاف وديعة معروفة ، أو أقر بقبض ما كان عنده وديعة ، أو بقبض ما قبضه الوارث بالوكالة من مديونه .

                كذا في تلخيص الجامع . 63 - وينبغي أن يلحق بالثانية إقراره بالأمانات كلها ولو مال الشركة أو العارية .

                والمعنى في الكل أنه ليس فيه إيثار البعض .

                فاغتنم هذا التحرير فإنه من مفردات هذا الكتاب ، 64 - وقد ظن كثير ، ممن لا خبرة له بنقل كلامهم وفهمه ، أن النفي من قبيل الإقرار للوارث وهو خطأ كما سمعته ، [ ص: 61 ] وقد ظهر لي أن الإقرار ههنا بأن الشيء الفلاني ملك أبي أو أمي وإنه عندي عارية بمنزلة قولها لا حق لي فيه فيصح ، وليس من قبيل الإقرار بالعين للوارث ; لأنه فيما إذا قال هذا لفلان ، 66 - فليتأمل وليراجع المنقول في جنايات البزازية .

                ذكر بكر أشهد المجروح أن فلانا لم يجرحه ومات المجروح منه ، إن كان جرحه معروفا عند الحاكم والناس لا يصح إشهاده ، وإن لم يكن معروفا عند الحاكم والناس يصح إشهاده لاحتمال الصدق ، فإن برهن الوارث في هذه الصورة أن فلانا كان جرحه ومات منه لا يقبل ; لأن القصاص حق الميت إلى آخره .

                ثم قال [ ص: 62 ] ونظيره ما إذا قال المقذوف : لم يقذفني فلان .

                إن لم يكن قذف فلان معروفا يسمع إقراره وإلا لا ( انتهى ) .

                الفعل في المرض أحط رتبة من الفعل في الصحة . 68 - إلا في مسألة إسناد الناظر النظر لغيره بلا شرط فإنه في مرض الموت صحيح ، لا الصحة كما في اليتيمة وغيرها

                [ ص: 60 ]

                التالي السابق


                [ ص: 60 ] قوله : وأما مجرد الإقرار للوارث .

                قال بعض الفضلاء : هذا إذا كان على غير صورة النفي . ( 63 ) قوله : وينبغي أن يلحق بالثانية إقراره بالأمانات .

                هذا البحث منقول في المحيط في إقرار المريض بقبض الوديعة من وارثه يصدق وكذلك في جميع الأمانات ديانة فراجعه إن شئت . ( 64 ) قوله : وقد ظن كثير مما لا خبرة له بنقل كلامهم إلخ .

                أقول : في جامع الفصولين ناقلا عن العمادية : لو قال ذو اليد ليس هذا لي أو ليس ملكي أو لا حق لي فيه أو ما كان أو نحوه ولا منازع ثم ادعاه أحد فقال ذو اليد هو لي فالقول قوله والتناقض لم يمنع ; لأن إقراره هذا لم يثبت حقا لأحد إذ الإقرار للمجهول باطل والتناقض إنما يمنع إذا تضمن إبطال حق على أحد ولو كان لذي اليد منازع حين قوله ذلك فهو إقرار بالملك له في رواية لا في رواية ( انتهى ) .

                ثم قال ولو أقر بما ذكرناه غير ذي اليد ذكر في الفتح أن قوله ليس لي أو ما كان لي يمنعه من الدعوى لعلة التناقض ثم ذكر فيه القول الآخر وأطنب في الكلام عليه فهذا صريح كما نرى في أن النفي من قبيل الإقرار والشواهد على ذلك كثيرة . [ ص: 61 ] قوله : وقد ظهر لي إلخ .

                قال بعض الفضلاء : إن كان الشيء الفلاني في يده فلا شك أنه لا فرق وإن لم يكن في يده فهو كقوله لا حق لي على فلان فيصح والمفهوم من كلامه صحة إقرارهما بأن الشيء الفلاني ملك أبي أو أمي والشيء بيده وهو باطل فإنه عين الإقرار بالعين للوارث ولا شك في عدم صحته ( انتهى ) .

                وقال : بعض قوله بمنزلة قوله لا حق لي مع قوله وليس من قبيل الإقرار بالعين فيه نظر ظاهر لا يخفى على ذي بصيرة إذ المدلول المطابقي بقوله لا حق لي نفي حق له بذلك ومدلول قوله : الشيء الفلاني ملك أبي أو أمي المطابقي كون ذلك ملك أبيه أو أمه فلا ريب في أنه إقرار للوارث بالعين وقوله ; لأنه فيما إذا قال هذا لفلان فيه أن قول المقر هذا لفلان هو قوله ملك أبي لا تجد بينهما فرقا في المعنى وإنما اختلفا في التعبير فعبر في أحدهما بلفظ الملك وفي الآخر بلفظ أنه لفلان فليمعن ذو الإنصاف النظر في هذا المقام ليميط عن وجه الحق اللثام . ( 66 ) قوله : فليتأمل وليراجع .

                قيل عليه : قد راجعنا المنقول فوجدناهم صرحوا بأنه لا حق لي يحتمل الإبراء ذكر في مسألة الدين ثم الوديعة ثم الدين فتأمل . [ ص: 62 ] قوله : ونظيره ما إذا قال المقذوف إلخ .

                أقول : لا يخفى أن كون مسألة القذف نظير مسألة الجرح إنما يتم بذكر عدم قبول البرهان في مسألة القذف بعد الإقرار بعدمه ولم يتعرض لذلك لا يقال مسألة الجرح التي جعلت هذه المسألة نظيرا لها لا إقرار فيها ; لأنا نقول الإشهاد يتضمن الإقرار . ( 68 ) قوله : إلا في مسألة إسناد الناظر النظر .

                قد ذكر المصنف رحمه الله هذه المسألة في كتاب الوقف في صورة السؤال والجواب .




                الخدمات العلمية