الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                معلومات الكتاب

                الأشباه والنظائر على مذاهب أبي حنيفة النعمان

                ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                صفحة جزء
                ومذهب الأصوليين أن الإمام شرط لاستيفاء القصاص كالحدود .

                27 - ومذهب الفقهاء الفرق ، القصاص كالحدود .

                28 - إلا في خمس ذكرناها في قاعدة أن الحدود تدرأ بالشبهات عفو الولي عن القاتل أفضل من القصاص ، وكذا عفو المجروح .

                وعفو الولي يوجب براءة القاتل في الدنيا ، ولا يبرأ عن قتله كالوارث إذا أبرأ المديون برأ ولا يبرأ عن ظلم المورث ومطله .

                إذا قال المجروح قتلني فلان ثم مات لم يقبل قوله في حق فلان ولا بينة الوارث أن فلانا آخر قتله [ ص: 255 ] بخلاف ما إذا قال : جرحني فلان ثم مات ، 30 - فبرهن ابنه أن فلانا آخر جرحه تقبل 31 - كما في شرح المنظومة .

                يصح عفو المجروح والوارث قبل موته لانعقاد السبب لهما كما في البزازية .

                الحدود تدرأ بالشبهات ، ولا تثبت معها [ ص: 256 ] إلا في الترجمة فإنها تدخل في الحدود مع أن فيها شبهة كما في شرح أدب القضاء

                التالي السابق


                ( 27 ) قوله : ومذهب الفقهاء الفرق .

                يعني بين القصاص والحدود فيشترط الإمام لاستيفاء الحدود دون القصاص كما في القنية هذا هو المراد ، وإن كان في عبارته إبهام .

                ( 28 ) قوله : إلا في خمس ذكرناها إلخ أي في الفوائد الزينية إلا في سبعة كما في معين المفتي في كتاب الجنايات : الأولى : تجوز القضاء بعلمه في القصاص دون الحدود كما في الخلاصة .

                الثانية : الحدود لا تورث ، والقصاص يورث .

                الثالثة : لا يصح العفو في الحدود ولو كان حد القذف بخلاف القصاص .

                الرابعة : التقادم لا يمنع من الشهادة بالقتل بخلاف الحدود سوى حد القذف .

                الخامسة : تثبت بالإشارة والكناية من الأخرس بخلاف الحدود كما في الهداية من مسائل شتى .

                السادسة : لا تجوز الشفاعة في الحدود وتجوز في [ ص: 255 ] القصاص .

                السابعة : الحدود سوى حد القذف لا يتوقف على الدعوى بخلاف القصاص لا بد فيه من الدعوى ( انتهى ) .

                أقول : يزاد ثامن وهو اشتراط الإمام استيفاء الحدود دون القصاص .

                ( 29 ) قوله : بخلاف ما إذا قال : جرحني فلان ثم مات إلخ .

                قيل : الفرق تعدد الجرح بخلاف القتل ( انتهى ) .

                قيل عليه قد ذكر المصنف عكس هذه المسألة في كتاب الإقرار ونصه نقلا عن جنايات البزازية : شهد المجروح أن فلانا لم يجرحه ، ومات المجروح منه إن كان جرحه معروفا عند الحاكم والناس لا يصح إشهاده ، وإن لم يكن معروفا صح لاحتمال الصدق فإن برهن الوارث في هذه الصورة أن فلانا كان جرحه ، ومات منه لا يقبل ; لأن القصاص حق المورث .

                ( 30 ) قوله : فبرهن ابنه أن فلانا آخر جرحه إلخ .

                هذا إذا قال المجروح ذلك فلو لم يقل فادعى الابنين على أخيه أنه قتله وأقام بينة وأقام الآخر بينة على قتل أجنبي إياه ، وقامت بينة على أنه لا وارث له غيرهما قال الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى : للأخ نصف الدية على أخيه وللآخر المدعى عليه نصف الدية على الأجنبي وعليه الفتوى وقال أبو يوسف : أحسن منه عندي أن يكون على الأخ المدعى عليه لأخيه دية كاملة ، ولا يكون له على الأجنبي شيء ، وهو قول محمد رحمه الله تعالى وبه أخذ أبو الليث كذا في موجبات الأحكام للعلامة قاسم ( 31 ) قوله : كما في شرح المنظومة .

                أي منظومة ابن وهبان .

                قيل عليه : ليس هكذا في شرح منظومة ابن وهبان بل الذي في شرحها لابن الشحنة نقلا عن الظهيرية : ولو قال : جرحني فلان ثم مات فأقام ابنه البينة على ابن آخر أنه جرحه خطأ تقبل بينته ووجهه أن البينة قامت على حرمان الولد الإرث فقبلت فلما أجزنا ذلك في الميراث [ ص: 256 ] جعلنا الدية على عاقلته ( انتهى ) .

                ومثله في شرح المصنف وقد أصلح الشيخ محمد بن عبد الله عبارة المصنف بقوله فادعى ابنه أن ابنا آخر جرحه خطأ ولقد رأيت نسخة لبعض العلماء من هذا الكتاب موافقة لما أصلح الشيخ محمد بن عبد الله والمسألة في المحيط البرهاني أيضا فدار قبول البينة على كون المدعى عليه ابنا للجريح يدعي حرمانه من الإرث لا على إيقاع الدعوى بقوله : جرحني كما توهمه ولذلك قالوا في تعليل المسألة المتقدمة على هذه ; لأن هذا حق الأب وقد أكذب الأب البينة بقوله قتلني فلان كما في مجموع النوازل قال بعض الفضلاء : ينبغي أن يكون في مسألة الجرح الذي ذكره الميت لا تقبل أيضا في حق الأجنبي ; لأن المورث أكذب البينة وإن لم يعينوه تقبل لإمكان تعدد الجرح بخلاف القتل أما في الابن الآخر فيقبل ، وإن عينوا ; لقيامها على حرمان الإرث تأمل .

                ( 32 ) قوله : إلا في الترجمة .

                فإنها تدخل في الحدود




                الخدمات العلمية