الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                معلومات الكتاب

                الأشباه والنظائر على مذاهب أبي حنيفة النعمان

                ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                صفحة جزء
                19 - وصي الميت كالأب إلا في مسائل : الأولى : يجوز إقراضه اتفاقا ، [ ص: 282 - 283 ] ويجوز إقراض الأب في رواية .

                الثانية : يبيع ويشتري لنفسه بشرط الخيرية لليتيم ، وللأب ذلك بشرط أن لا ضرر .

                الثالثة : للأب أن يقضي دينه من مال ولده بخلاف الوصي .

                الرابعة : للأب الأكل من مال ولده عند الحاجة ، وللوصي بقدر عمله .

                الخامسة : [ ص: 284 ] للأب أن يرهن مال ولده على دينه بخلاف الوصي .

                السادسة : لا تقوم عبارته مقام عبارتين ، فإذا باع أو اشترى لنفسه بالشرط ، فلا بد من قوله قبلت بعد الإيجاب بخلاف الأب .

                22 - السابعة : لا يلي الإنكاح بخلاف الأب .

                الثامنة : لا يمونه بخلاف الأب .

                التاسعة : لا يؤدي من ماله صدقة فطره بخلاف الأب .

                العاشرة : لا يستخدمه بخلاف الأب .

                الحادية عشرة : لا حضانة له بخلاف الأب .

                التالي السابق


                ( 19 ) قوله : وصي الميت كالأب إلا في مسائل .

                قال بعض الفضلاء : يستثنى مسائل أخر لم يذكرها المصنف في الاستثناء فأوهم كلامه أن الأب والوصي فيها متفقان ، وليس كذلك ، وما ذلك إلا ; لأن التعداد في مقام البيان يفيد الحصر .

                الأولى رهن الوصي متاع اليتيم عند ابنه الصغير لا يجوز إجماعا ، وإن كان ابنه كبيرا لم يجز عنده كالوكيل إذا باع من ابنه الكبير ، وإن مكاتبه أو عبده المأذون لا اتفاقا كذا في [ ص: 282 ] البزازية بخلاف الأب كما في التبيين قال بعض الفضلاء : والفرق بينهما وفور شفقة الأب فنزل منزلة شخصين وأقيمت عبارته مقام عبارتين كما في بيعه مال الصغير من نفسه ، والوصي لا يجوز منه ذلك ; لأنه وكيل محض ، والأصل : أن الواحد لا يتولى طرفي الرهن كما في البيع ; لكن تركنا ذلك في الأب لما ذكر ، ورهن الوصي من ابنه الصغير ، ومن عبده التاجر غير المديون بمنزلة نفسه فلا يجوز وأطلق في البزازية في عبده المأذون فشمل المديون ، وغيره ، وليس كذلك فقد قال الزيلعي : عدم الجواز في بيع الوصي مقيد بما إذا لم يكن المأذون مديونا فإن كان مديونا يجوز ; فقد أطلق البزازي في محل التقييد .

                الثانية : لو باع الأب مال أحد الصغيرين من الآخر ولو فعل الوصي لم يجز اتفاقا ، وفي القاضي اختلاف فقيل بالجواز وقيل بعدمه كما في العمادية .

                الثالثة : الأب إذا دفع مهر امرأة ابنه الصغير من مال نفسه إن أشهد وقت الأداء أنه دفع لكن يرجع على ابنه الصغير كان له أن يرجع ، ولو لم يشهد ، القياس : أن له وفي الاستحسان لا يرجع ولو كان مكان الأب وصي أو غيره من الأولياء يرجع في مال الصغير وإن لم يشترط في أصل الضمان كما في العمادية وظاهر كلام العمادية : أن حكم الجد هنا غير حكم الأب بل حكمه حكم الوصي ; لأنه قال : ولو وليا غيره فدخل الجد فيرجع مطلقا كالوصي .

                الرابعة : الأب إذا اشترى لولده الصغير خادما له الرجوع بالثمن إن شرط ، وإلا فلا بخلاف الوصي ، فإن له الرجوع شرط أو لا كما في الخلاصة .

                قلت إلا أن يكون الوصي هي أم الصغير فإنها بمنزلة الأب كما قال قاضي خان .

                الخامسة : لو رهن الأب مال ولده الصغير بدين نفسه ، وهلك الرهن ، وقيمته أكثر من الدين ضمن الأب مقدار الدين لا ما زاد ، بخلاف الوصي ، فإنه يضمن القيمة .

                السادسة : لو رهن الوصي ماله من اليتيم أو ارتهن مال اليتيم من نفسه لم يجز ولو فعل الأب جاز ; نص عليه في العمادية .

                السابعة : للأب بيع عقار الصغير بخلاف الوصي إلا بأحد معان في الوصي لا الأب .

                الثامنة : لو أقر الأب بالإقراض على الصغير جاز كما في العمادية ولو أقر الوصي لا كما ذكره المصنف هنا في هذا الكتاب ، وفي الشرح .

                التاسعة : إذا أجر الوصي نفسه أو عبده للصغير لا يجوز ، ولو فعل الأب ذلك جاز كما في الخانية .

                العاشرة في الأضحية على الأصح من عدم وجوبها في مال الصغير ليس للأب والوصي أن يفعله فإن فعل أحدهما ضمن الأب لا الوصي [ ص: 283 ] وعليه الفتوى .

                كما في البزازية وفي الخانية والظهيرية : الفتوى على أنه لا يضمن الأب أيضا فالمخالفة على ما في البزازية وينبغي اعتماد ما في الخانية .

                الحادية عشرة للأب قسمة مال مشترك بينه وبين الصغير بخلاف الوصي كما في المجتبى .

                الثانية عشرة : اشترى لنفسه من مال ولده الصغير أو استهلك مال ولده أو اغتصب حتى وجب عليه الضمان ذكر الخصاف أنه لو أفرز من ماله شيئا وأشهد وقال : قد قبضت هذا المال من نفسي لابني الصغير جاز ويصير قابضا وعن محمد لا يصير قابضا بهذا القدر وأجمعوا على أن الوصي لا يصير قابضا عن نفسه بالإقرار والإشهاد .

                كذا في الخانية .

                الثالثة عشرة لو مات الوصي مجهلا لا ضمان عليه ولو مات الأب مجهلا ضمن وقيل لا كالوصي كذا في جامع الفصولين .

                الرابعة عشرة : لو وجب القصاص للصغير في النفس أو فيما دون النفس ، ولا حق للأب في هذه القصاص فللأب استيفاؤه استحسانا لا قياسا ، وأما الوصي فلا يملك الاستيفاء في النفس بخلاف الأب ، وأما فيما دون النفس في عامة الروايات له ذلك ، وفي بعض الروايات ليس له ذلك كذا في التتارخانية .

                الخامسة عشرة لو قسم الوصي التركة بين الصغار وعزل نصيب كل واحد على حدة لم تجز قسمته ولو فعل الأب جاز ، نص عليه في الخلاصة .

                السادسة عشرة إذا اشترى الأب دارا لنفسه وابنه الصغير شفيعها فلم يطلب الأب الشفعة للصغير حتى بلغ الصغير فليس للذي بلغ أن يأخذها ; لأن الأب كان متمكنا من الأخذ بالشفعة لا ; لأن الشراء لا ينافي الأخذ بالشفعة فسكوته يكون مبطلا للأخذ بالشفعة .

                والوصي إذا اشترى دارا لنفسه ، والصبي شفيعها فلم يطلب الوصي شفعته فاليتيم على شفعته إذا بلغ كذا في النهاية .

                ( 20 ) قوله : ويجوز إقراض الأب في رواية .

                أقول : الصحيح أن الأب والوصي سواء لا يجوز إقراض كل منهما كما في الخلاصة والخانية والبزازية والعمادية واعتمده [ ص: 284 ] النسفي في الكنز .

                قال الزيلعي : للقاضي أن يقرض مال الغائب والطفل واللقطة ; لأنه قادر على الاستخلاص بخلاف الأب والوصي والملتقط ، فيكون تضيعا إلا أن الملتقط إذا أنشد الضالة ومضت مدة النشد ينبغي أن يجوز له الإقراض من فقير ; لأنه لو تصدق عليه في هذه الحالة جاز فالقرض أولى فإن أقرض الأب أو الوصي مال اليتيم هل يكون خيانة في حقهما ويستحقان العزل بسببه وإذا ضاع هل يضمنان ؟ سئل المصنف عن ذلك : فأجاب بأنه ليس ذلك إلا للقاضي ولكن إذا فعلا ذلك وضاع عليهما وإن لم يضع لا يكون ذلك خيانة في حقهما ولا يستحقان العزل بسببه ( انتهى ) .

                وفي جامع الفصولين : الوصي لا يقرض ماله أي اليتيم ولو أقرضه لا يعد خيانة .

                ( 21 ) قوله : للأب أن يرهن مال ولده .

                هذا قول في الوصي والظاهر المعتمد أن للوصي أن يرهن مال اليتيم بدين نفسه كما في العمادية وذكر في وصايا العمدة أنهم أجمعوا على أن الوصي لو أراد أن يوفي دينه من مال اليتيم ليس له ذلك ، وفي فوائد صاحب المحيط إذا استقرض مال اليتيم هل يصح ؟ في قول الإمام لا يملك وقد اختلف المشايخ ، فقال بعضهم : إن كان الوصي مليا يملك وإلا فلا والأصح أنه لا يملك .

                ( 22 ) قوله : السابعة : أنه لا يلي الإنكاح بخلاف الأب إلخ .

                أطلقه فشمل ما إذا أوصى له الأب بذلك أو لا ، وهو كذلك فإن الوصي لا يملك تزويج الصغير والصغيرة مطلقا من حيث هو وصي أما إذا كان قريبا أو حاكما فلا كلام في أنه يملك التزويج [ ص: 285 ] من تلك الجهة كما لا يخفى .

                وحينئذ فلا حاجة إلى تقييده بغير القريب والحاكم كما في أنفع الوسائل وروى هشام عن الإمام أنه إن أوصى إليه الأب جاز كما في الخانية ، به علم ما وقع في الزيلعي من أنه ليس ذلك إلا أن يفوض إليه الموصي ذلك رواية هشام وقد قال مشايخنا : هي ضعيفة ; ولذلك قال في التنوير : وليس للوصي أن يزوج مطلقا




                الخدمات العلمية