الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                معلومات الكتاب

                الأشباه والنظائر على مذاهب أبي حنيفة النعمان

                ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                صفحة جزء
                الحادية عشرة في استقرار الملك ; فيستقر في البيع الخالي عن الخيار بالقبض ، ويستقر الصداق بالدخول أو الخلوة أو الموت أو وجوب العدة عليها منه قبل النكاح كما أوضحناه في الشرح ، .

                24 - والأخير من زياداتي أخذا من كلامهم والمراد من الاستقرار في البيع الأمن من انفساخه بالهلاك ، وفي الصداق الأمن من تشطيره بالطلاق وسقوطه بالردة وتقبيل ابن الزوج قبل [ ص: 471 ] الدخول ، ولا يتوقف استقراره على القبض لأنه لو هلك لم ينفسخ النكاح : ولا فرق بين الدين والعين . وجميع الديون بعد لزومها مستقرة إلا دين السلم لقبوله الفسخ بالانقطاع بخلاف ثمن المبيع فإنه لا يقبله بالانقطاع لجواز الاعتياض عنه . وأما الملك في المغصوب والمستهلك فمستند عندنا إلى وقت الغصب والاستهلاك ; فإذا غيب المغصوب وضمن قيمته ملكه عندنا مستندا إلى وقت الغصب ، وفائدته تملك الاكتساب ووجوب الكفن ونفوذ البيع ولا يكون الولد له . والتحقيق عندنا أن الملك يثبت للغاصب بشرط القضاء بالقيمة ، لا حكما ثابتا بالغصب مقصودا ولذا لا يملك الولد ، بخلاف الزيادة المتصلة كذا في الكشف في باب النهي . وفي الهداية من النفقة : لو أنفق المودع على أبوي المودع بلا إذنه وإذن القاضي ضمنها ، ثم إذا ضمن لم يرجع عليهما لأنه لما ضمن ملكه بالضمان فظهر أنه كان متبرعا . وذكر الزيلعي : أنه بالضمان استند ملكه إلى وقت التعدي فتبين أنه تبرع ملكه فصار كما إذا قضى دين المودع بها ( انتهى ) . وفي شرح الزيادات لقاضي خان من أول كتاب الغصب : الأصل الأول : إن زوال المغصوب عن ملك المالك عند أداء الضمان عندنا يستند إلى وقت الغصب في حق المالك والغاصب وفي حق غيرهما يقتصر على التضمين ; إلا إذا تعلق بالاستناد حكم شرعي يمنعنا من أن نجعل الزوال مقصورا على الحال فحينئذ يستند في حق الكل لأن الزوال في حق المالك والغاصب استند لا [ ص: 472 ] لكون الغصب سببا للملك وضعا حتى يستند في حق الكل ، بل ضرورة وجوب الضمان من وقت الغصب ، فلا يظهر ذلك في حق غيرهما

                25 - إلا إذا اتصل بالاستناد حكم شرعي لأن الحكم الشرعي يظهر في حق الكل فيظهر الاستناد في حق الكل ،

                26 - ثم ذكر فروعا كثيرة على هذا الأصل : منها ; الغاصب إذا أودع العين ثم هلكت عند المودع ثم ضمن المالك الغاصب فلا رجوع له على المودع لأنه ملكها بالضمان فصار مودعا مال نفسه ،

                27 - وفيه إذا غصب جارية فأودعها فأبقت فضمنه المالك قيمتها ملكها الغاصب ، فلو أعتقها الغاصب صح ، ولو ضمنها المودع فأعتقها لم يجز ، ولو كانت محرمة من الغاصب عتقت عليه لا [ ص: 473 ] على المودع إذا ضمنا ، لأن قرار الضمان على الغاصب ، لأن المودع وإن جاز تضمينه فله الرجوع بما ضمن على الغاصب وهو المودع لكونه عاملا له فهو كوكيل الشراء ، ولو اختار المودع بعد تضمينه أخذها بعد عودها ولا يرجع على الغاصب لم يكن له ذلك وإن هلكت في يده بعد العود من الإباق كانت أمانة وله الرجوع على الغاصب بما ضمن ، وكذا إذا ذهبت عينها ، وللمودع حبسها عن الغاصب حتى يعطيه ما ضمنها المالك ، فإن هلكت بعد الحبس هلكت بالقيمة ، وإن ذهبت عينها بعد الحبس لم يضمنها كالوكيل بالشراء ، لأن الفائت وصف وهو لا يقابله شيء ، ولكن يتخير الغاصب إن شاء أخذها وأدى جميع القيمة ، وإن شاء ترك كما في الوكيل بالشراء ، ولو كان الغاصب آجرها أو رهنها فهو الوديعة سواء ، وإن أعارها أو وهبها ، فإن ضمن الغاصب كان الملك له ، وإن ضمن المستعير أو الموهوب له كان الملك لهما ، لأنهما لا يستوجبان الرجوع على الغاصب فكان قرار الضمان عليهما فكان الملك لهما ، ولو كان مكانهما [ ص: 474 ] مشتر فضمن سلمت الجارية له ، وكذا غاصب الغاصب إذا ضمن ملكها ، لأنه لا يرجع على الأول فتعتق عليه لو كانت محرمة منه ، ولو كانت أجنبية فللأول الرجوع بما ضمن على الثاني لأنه ملكها فيصير الثاني غاصبا ملك الأول ، وكذا لو أبرأه المالك بعد التضمين أو وهبها له كان له الرجوع على الثاني ، وإذا ضمن المال الأول ولم يضمن الأول الثاني حتى ظهرت الجارية كانت ملكا للأول ، فإن قال : أنا أسلمها للثاني وأرجع عليه لم يكن له ذلك لأن الثاني قدر على رد العين فلا يجوز تضمينه ، وإن رجع الأول على الثاني ثم ظهرت

                28 - كانت للثاني ، وتمام التفريعات فيه

                التالي السابق


                ( 24 ) قوله : والأخير من زياداتي . قيل عليه لا حاجة إلى زيادتك لأنهم قالوا : الدخول في النكاح السابق دخول في الثاني الواقع في العدة فهو داخل في قولهم يستقر بالدخول . [ ص: 471 - 472 ]

                ( 25 ) قوله : إلا إذا اتصل بالاستناد حكم شرعي وهو نفاذ البيع .

                ( 26 ) قوله : ثم ذكر فروعا إلى قوله : منها الغاصب إذا أودع العين ثم هلكت عند المودع . أقول المذكور في شرح الزيادات : رجل غصب جارية وأودعها رجلا فقتلت عنده قتيلا خطأ ثم ماتت واستحقت فهو بالخيار يضمن أيهما شاء لأن كل واحد منهما غاصب في حقه هذا ، والغصب سواء إلا في خصال ثلاثة أحدها أن هنا إذا ضمن الغاصب لا يرجع على مودعه لأنه ملكها بأداء الضمان فيصير مودعا مال نفسه ، والثاني إذا ضمن المستحق المودع يدفع القيمة إلى أولياء الجناية ثم يرجع عليه بقيمة أخرى ثم المودع يرجع بجميع ما غرم على الغاصب لأنه عامل له فيرجع عليه بجميع ما غرم ، والخصلة الثالثة أنها لو أبقت من المودع ثم عادت من الإباق بعد التضمين عادت على ملك الغاصب في الأحوال كلها لأن إقرار الضمان على الغاصب .

                ( 27 ) قوله : وفيه إذا غصب جارية فأودعها فأبقت إلخ . الذي في شرح الزيادات [ ص: 473 ] رجل غصب جارية فأودعها رجلا فأبقت منه ثم استحقت كان له الخيار يضمن أيهما شاء ، فإن ضمن الغاصب برئ المودع وكانت الجارية ملكا للغاصب ، وإن ضمن المودع كان للمودع أن يرجع على الغاصب بما ضمن لأنه عامل له وتصير الجارية بنفس تضمينه ملكا للغاصب حتى لو أعتقها الغاصب جاز ولو أعتقها المودع لا يجوز إلى آخر ما ذكره فليراجع . [ ص: 474 ]

                ( 28 ) قوله : كانت للثاني . لأن الأول لما ضمن الثاني فقد ملكها منه بقضاء القاضي وتحول حقه من العين إلى القيمة فلا يتحول بعد ذلك إلى الجارية كذا في شرح الزيادات




                الخدمات العلمية