الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
استخلاف علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه .

ابن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان أبو الحسن الهاشمي ، وأمه فاطمة بنت أسد بن هشام بن عبد مناف ، وهاشم أخو هشام ، ومن زعم أنه أسد بن هاشم بن عبد مناف فقد وهم .

أخبرنا محمد بن إسحاق الثقفي ، ثنا قتيبة بن سعيد ، ثنا حاتم بن إسماعيل [ ص: 267 ] عن يزيد بن أبي عبيد ، عن سلمة بن الأكوع ، قال : كان علي قد تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في خيبر ، وكان به رمد ، فقال : أنا أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ! فخرج ، فلحق بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فلما كان مساء الليلة التي فتحها الله في صباحها ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لأعطين الراية ، أو ليأخذن الراية غدا رجل يحبه الله ورسوله يفتح الله عليه ، فإذا نحن بعلي ، وما نرجوه ، فقالوا : هذا علي ، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ففتح الله عليه .

قال أبو حاتم : لما كان من أمر عثمان ما كان قعد علي في بيته ، وأتاه الناس يهرعون إليه ، كلهم يقولون : أمير المؤمنين علي ، حتى دخلوا عليه داره ، وقالوا : نبايعك ، فإنه لا بد من أمير ، وأنت أحق ،  فقال علي : ليس ذلك إليكم ، إنما ذلك لأهل بدر ، فمن رضي به أهل بدر فهو خليفة ، فلم يبق أحد من أهل بدر إلا أتى عليا يطلبون البيعة وهو يأبى عليهم ، فجاء الأشتر مالك بن الحارث النخعي إلى علي ، فقال له : ما يمنعك أن تجيب هؤلاء إلى البيعة ؟ فقال : لا أفعل إلا عن ملأ وشورى .

وجاء أهل مصر ، فقالوا : ابسط يدك نبايعك ، فوالله لقد قتل عثمان ، وكان قتله لله رضى ، فقال علي : كذبتم ، والله ما كان قتله لله رضى ; لقد قتلتموه بلا قود ولا حد ولا غيره ، وهرب مروان [ ص: 268 ] فطلب ، فلم يقدر عليه ، فلما رأى ذلك علي منهم خرج إلى المسجد ، وصعد المنبر ، وحمد الله ، وأثنى عليه بما هو أهله ، ثم قال : يا أيها الناس ، رضيتم مني أن أكون عليكم أميرا ؟ فكان أول من صعد إليه المنبر طلحة فبايعه بيده ، وكان إصبع طلحة شلاء فرآه أعرابي يبايع ، فقال : يد شلاء وأمر لا يتم ، فتطير علي منها ، وقال : ما أخلفه أن يكون كذلك ، ثم بايعه الزبير وسعد وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم بلغ عليا أن سعدا وابن عمر ومحمد بن مسلمة يذكرون هنات ، فقام علي خطيبا ، فحمد الله ، وأثنى عليه ، فقال : أيها الناس ، إنكم بايعتموني على ما بايعتم عليه أصحابي ، فإذا بايعتموني فلا خيار لكم علي ، وعلى الإمام الاستقامة ، وعلى الرعية التسليم ، وهذه بيعة عامة ، فمن ردها رغب عن دين المسلمين واتبع غير سبيلهم ، ولم تكن بيعته إياي فلتة ، وليس أمري وأمركم واحدا ، أريد الله وتريدونني لأنفسكم ، وايم الله لأنصحن الخصم ، ولأنصفن المظلوم .

التالي السابق


الخدمات العلمية