الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم إن الخوارج اجتمعت على زيد بن حصين وقالوا له : أنت سيدنا وشيخنا وعامل عمر بن الخطاب على الكوفة ، تول أمرنا ، وجهروا به فقال : ما كنت لأفعلها ، فلما أبى عليهم ذلك ، ذهبوا إلى يزيد بن عاصم المحاربي فعرضوا عليه أمرهم فأبى عليهم ذلك ، ثم ذهبوا إلى سعد بن وائل التميمي فأبى عليهم ، فأتوا عبد الله بن وهب الراسبي واجتمعوا عنده بقرب النهروان ، وخرج إليهم علي في جمعية ، فلما أتاهم حمد الله وأثنى عليه ثم قال : إنكم أيها القوم قد علمتم وعلم الله أني كنت [ ص: 296 ] للحكومة كارها حتى أشرتم علي بها وغلبتموني عليها والله بيني وبينكم شهيد ، ثم كتبنا بيننا وبينهم كتابا وأنتم على ذلك من الشاهدين ، فقالت طائفة من القوم : صدقت ورجعوا إلى الجماعة ، وبقيت طائفة منهم على قولهم ، فقال علي : هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا . منهم أهل النهروان ورب الكعبة ، ثم إنهم عبروا الجسر إلى علي ليحاربوه ، فلما عبروا الجسر نادى علي في العسكر : استقبلوهم ، فاستقبلوهم والتقطوهم بالرماح فكان مع علي جمعية يسيرة إنما جاء على أن يردهم بالكلام ، وقد كانت الخوارج قريبا من خمسة آلاف ، فلما فرغوا من قتلهم ، قال علي : اطلبوا لي المخدع ، فطلبوه فلم يجدوه ، فقال : اطلبوا المخدع ، فوالله ما كذبت ولا كذبت ، ثم دعا ببغلته البيضاء فركبها وجعل يقلب القتلى حتى أتى على فضاء من الأرض ، فقال : قلبوا هؤلاء ، فإذا هم برجل ليس له ساعد ، بين جنبيه ثدي فيه شعرات ، إذا مدت امتدت ، وإذا تركت قلصت ، فقال علي : الله أكبر ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يخرج قوم فيهم رجل مخدع اليد ، ولولا أن تنكلوا عن العمل لأنبأتكم بما وعد الله [ ص: 297 ] الذين يقاتلونهم على لسان محمد صلى الله عليه وسلم ،  ثم حج بالناس عبد الله بن عباس .

التالي السابق


الخدمات العلمية