الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم بن يقظة المخزومي القرشي ، كنيته أبو محمد ، ولد لسنتين مضتا من خلافة عمر ، وأم سعيد بن المسيب بنت عثمان بن حكيم بن أمية بن حارثة بن الأوقص بن مرة بن هلال بن فالج بن [ ص: 274 ] ذكوان السلمي ، وكان من سادات التابعين ، فقها ، ودينا ، وورعا ، وعلما ، وعبادة ، وفضلا ، وكان أبوه يتجر في الزيت ، وكان سعيد سيد التابعين ، وأفقه أهل الحجاز ، وأعبر الناس للرؤيا ، ما نودي بالصلاة أربعين سنة إلا وسعيد في المسجد ينتظرها ، ويقال : إنه ممن أصلح بين عثمان وعلي ، فلما بويع عبد الملك وبايع للوليد ولسليمان من بعده وأخذ البيعة من الناس أبى سعيد ذلك فلم يبايع ، فقال له عبد الرحمن بن عبد القاري : إنك تصلي بحيث يراك هشام بن إسماعيل ، فلو غيرت مقامك حتى لا يراك وكان هشام واليا على المدينة لعبد الملك ، فقال سعيد : إني لم أغير مقاما قمته منذ أربعين سنة ، قال : فاخرج معتمرا ، قال : لم أكن لأجهد بذلي وأنفق مالي في شيء ليس لي فيه نية ، قال : فبايع إذا ! قال : أرأيتك إن كان الله أعمى قلبك كما أعمى بصرك فما علي ، وأبى أن يبايع ، فكتب هشام بن إسماعيل إلى عبد الملك ، فكتب عبد الملك إليه ما دعاك إلى سعيد بن المسيب ما كان علينا منه شيء نكرهه ، فأما إذا فعلت فادعه ، فإن بايع وإلا فاضربه ثلاثين سوطا ، وأوقفه للناس ، فدعاه هشام فأباه [ ص: 275 ] وقال : لست أبايع لاثنتين؛ فضربه ثلاثين سوطا ، ثم ألبسه ثيابا من شعر ، وأمر به فطيف به حتى بلغوا به الحناطين ، ثم ردده وأمر به إلى السجن ، فقال سعيد : لولا أني ظننت أنه القتل ما لبسته ، قلت أستر عورتي عند الموت ، مات سنة ثلاث أو أربع وتسعين ، وكان يقال لهذه السنة سنة الفقهاء من كثرة من مات من الفقهاء فيها ، وقد قيل : إنه مات سنة خمس ومائة .

التالي السابق


الخدمات العلمية