، ولد لسنتين مضتا من خلافة عمر ، وأم سعيد بن المسيب بنت عثمان بن حكيم بن أمية بن حارثة بن الأوقص بن مرة بن هلال بن فالج بن [ ص: 274 ] ذكوان السلمي ، وكان من سادات التابعين ، فقها ، ودينا ، وورعا ، وعلما ، وعبادة ، وفضلا ، وكان أبوه يتجر في الزيت ، وكان سعيد سيد التابعين ، وأفقه أهل الحجاز ، وأعبر الناس للرؤيا ، ما نودي بالصلاة أربعين سنة إلا وسعيد في المسجد ينتظرها ، ويقال : إنه ممن أصلح بين عثمان وعلي ، فلما بويع عبد الملك وبايع للوليد ولسليمان من بعده وأخذ البيعة من الناس أبى سعيد ذلك فلم يبايع ، فقال له عبد الرحمن بن عبد القاري : إنك تصلي بحيث يراك هشام بن إسماعيل ، فلو غيرت مقامك حتى لا يراك وكان هشام واليا على المدينة لعبد الملك ، فقال سعيد : إني لم أغير مقاما قمته منذ أربعين سنة ، قال : فاخرج معتمرا ، قال : لم أكن لأجهد بذلي وأنفق مالي في شيء ليس لي فيه نية ، قال : فبايع إذا ! قال : أرأيتك إن كان الله أعمى قلبك كما أعمى بصرك فما علي ، وأبى أن يبايع ، فكتب هشام بن إسماعيل إلى عبد الملك ، فكتب عبد الملك إليه ما دعاك إلى سعيد بن المسيب ما كان علينا منه شيء نكرهه ، فأما إذا فعلت فادعه ، فإن بايع وإلا فاضربه ثلاثين سوطا ، وأوقفه للناس ، فدعاه هشام فأباه [ ص: 275 ] وقال : لست أبايع لاثنتين؛ فضربه ثلاثين سوطا ، ثم ألبسه ثيابا من شعر ، وأمر به فطيف به حتى بلغوا به الحناطين ، ثم ردده وأمر به إلى السجن ، فقال سعيد : لولا أني ظننت أنه القتل ما لبسته ، قلت أستر عورتي عند الموت ، مات سنة ثلاث أو أربع وتسعين ، وكان يقال لهذه السنة سنة الفقهاء من كثرة من مات من الفقهاء فيها ، وقد قيل : إنه مات سنة خمس ومائة . سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم بن يقظة المخزومي القرشي ، كنيته أبو محمد