الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وإن ) ( وقع ) النكاح ( بقلة خل ) معينة حاضرة ( فإذا هي خمر ) ( فمثله ) أي فللزوجة مثل الخل والنكاح ثابت بخلاف البيع فيفسخ ، ثم ذكر أربع مسائل [ ص: 296 ] كالمستثناة من قوله كالثمن لعدم صحة كون شيء منها ثمنا فقال ( وجاز ) النكاح ( بشورة ) معروفة عندهم وهي بالفتح متاع البيت وبالضم الجمال ( أو ) على ( عدد ) معلوم كعشرة ( من كإبل أو رقيق ) ، ولو في الذمة غير موصوف لا عدد من شجر إلا إن عين ( أو ) على ( صداق مثل ) أي مثلها ( ولها ) في المسائل الأربع ( الوسط ) من شورة مثلها في حضر لحضرية وبدو لبدوية والوسط من كإبل ورقيق من السن الذي يتناكح به الناس والوسط من صداق مثل يرغب به في مثلها باعتبار الأوصاف التي تعتبر في صداق المثل من جمال وحسب ونسب ويعتبر الوسط من ذلك ( حالا ) لا مؤجلا ( وفي شرط ذكر جنس ) أي صنف ( الرقيق ) إذا تزوجها على عدد معلوم منه تقليلا للغرر كبربري أو حبشي أو زنجي أو رومي وعدم اشتراطه لها أغلب الصنفين بالبلد من السود والحمر فإن استويا أعطيت النصف الوسط من كل فإن كانت الأصناف ثلاثة أعطيت من وسط كل صنف ثلثه وهكذا .

( قولان و ) لها ( الإناث منه ) أي من الرقيق ( إن أطلق ) ولا يقضي بالإناث من غيره حيث الإطلاق ( ولا عهدة ) للمرأة على الزوج في الرقيق ثلاثا ولا سنة كما يأتي مع نظائره في باب الخلع مع جريان العرف بها ما لم تشترطها وإلا وفى لها بها ، إذ المؤمن عند شرطه وقيل : لا عهدة ، ولو اشترطت ، وأما عهدة الإسلام وهي درك المبيع من عيب أو استحقاق [ ص: 297 ] فلها القيام بها في الرقيق وغيره .

التالي السابق


( قوله : وإن وقع بقلة خل فإذا هي خمر إلخ ) أي وأما عكسه وهو ما إذا تزوجها بقلة خمر فإذا هي خل ثبت النكاح [ ص: 296 ] رضيا بالخل فإن لم يحصل رضا فسخ قبل الدخول وثبت بعده بصداق المثل .

( قوله : كالمستثناة إلخ ) زاد الكاف لعدم أداة الاستثناء أو لأنه لما كان التشبيه في الجملة كان لا استثناء منه في الحقيقة .

( قوله : لعدم صحة كون شيء منها ثمنا ) أي لأن النكاح أوسع من البيع في الغرر وأوسع من النكاح في ذلك الرهن ، إذ يجوز فيه رهن الآبق ولا يجوز رهن الجنين وأوسع من الرهن في الغرر الهبة والخلع ، إذ يجوز هبة الجنين والخلع به .

( قوله : وجاز النكاح بشورة ) بأن يقول : أتزوجها وأجعل صداقها جهازها أو شوارها فينظر لها إن كانت حضرية أو بدوية بخلاف البيع فلا يجوز أن تكون الشورة ثمنا .

( قوله : معروفة ) أي بالنوع فلا ينافي أنها مقولة بالتشكيك لأجل اعتبار الوسط .

( قوله : أو عدد من كإبل ) يعني أنه يجوز النكاح على عدد من الإبل أو البقر أو الغنم أو الرقيق في الذمة ، ولو كان غير موصوف بأن يجعل الصداق عشرة مما ذكر ويطلق ونص المصنف على العدد لتوهم المنع فيه لكثرة الغرر فالواحد من كإبل أولى بالجواز ، وأما جعل ذلك ثمنا فلا يجوز .

( قوله : ولو في الذمة غير موصوف ) الأولى أن يقول في الذمة ، ولو موصوفا بقلب المبالغة لتوهم المنع في الموصوف ; لأنه كالسلم الحال بن .

( قوله : لا عدد من شجر ) أي في الذمة ، ولو كان موصوفا وقوله : إلا إن عين أي بالإشارة كهذا الشجر أو بالوصف كالشجر الذي في محل كذا ولعل الفرق بين الماشية والشجر إذا كان كل منهما في الذمة وكان موصوفا أن الشجر إذا كان في الذمة ووصف كان وصفه مستدعيا تعيين وصف مكانه فيؤدي إلى السلم في معين كما ذكروه في منع النكاح على بيت يبنيه لها ; لأنه يؤدي إلى وصف البناء والموضع .

( قوله : أو صداق مثل ) أي كأتزوجك على أن صداقك صداق مثلك ، قال المتيطي : يجوز النكاح على صداق المثل فيجب بالعقد ويجب نصفه بالطلاق قبل البناء وجميعه بالموت ا هـ بن .

( قوله : من شورة مثلها إلخ ) حاصله أنه إذا تزوجها على جهاز بيت فإن كانت حضرية فيجهزها جهازا وسطا من جهاز الحاضرة فإذا كان جهاز الحاضرة معروفا على أوصاف ثلاثة لزمه الوسط من تلك الأوصاف الثلاثة وإذا كان على وجه واحد فاللازم ذلك الوجه الواحد وإذا كان على وجهين فلم يكن وسط فالغالب فإن لم يكن غالب فالظاهر نصف كل ، وكذا يقال في غير الحضرية .

( قوله : من السن الذي يتناكح به الناس ) فإن كان الناس يصدقن الإبل أو الرقيق ابن عشر سنين وابن ثمان سنين وابن ستة لزمه أن يدفع لها ابن ثمانية .

( قوله : باعتبار الأوصاف إلخ ) يعني أن من قامت بها تلك الأوصاف ويرغب فيها باعتبارها إذا كانت تارة تصدق بمائة دينار وتارة بتسعين وتارة بثمانين فإنه يدفع لها التسعين .

( قوله : وفي شرط ذكر جنس الرقيق ) أي فإذا لم يذكر جنسه فسخ قبل الدخول وثبت بعده بصداق المثل .

( قوله : أعطيت النصف الوسط من كل ) فإذا كان الرقيق الذي في البلد بربريا وحبشيا فقط واستويا فإنها تعطى من كل صنف منهما نصف الأوسط في السن وإذا كان الرقيق الذي في البلد بربريا وحبشيا وروميا فإنها تعطى من كل صنف من الأصناف الثلاثة ثلث الوسط في السن وهكذا يقال إذا كان الموجود أربعة أصناف .

( قوله : قولان ) أي على حد سواء ، وأما غير الرقيق من إبل وبقر ففيه قولان لكن المعتمد عدم اشتراط ذكره ويفرق بين الرقيق وغيره بكثرة الاختلاف بين آحاد الرقيق وأصنافه بخلاف أصناف غيره ا هـ عدوي وفي بن أن قوله قولان الأول منهما قول سحنون والثاني ظاهر المدونة وهو المشهور انظره .

( قوله : ولها الإناث إلخ ) عطف على الوسط .

( قوله : إن أطلق ) أي لم يقيد بذكور أو إناث ; لأن للنساء غرضا في الإناث للدخول عليهن ونحو ذلك .

( قوله : حيث الإطلاق ) أي بل يعمل في غيره بالعرف .

( قوله : ما لم تشترطها وإلا وفى لها بها ) هذا هو المعتمد وقوله : وقيل إلخ ضعيف كما في بن وقرره شيخنا أيضا ورجع عن ترجيحه للثاني في حاشية خش .

( قوله : درك المبيع ) بسكون الراء وفتحها أي ضمان المبيع [ ص: 297 ]

( قوله : فلها القيام بها ) أي وهو معنى قول المصنف سابقا واستحقاقه وعيبه كالبيع




الخدمات العلمية