البحث الثاني : القائلون بأن هذه الآية صارت منسوخة اختلفوا على قولين ؛ منهم من قال : إنها صارت منسوخة في حق من يرث وفي حق من لا يرث وهو قول أكثر المفسرين والمعتبرين من الفقهاء ، ومنهم من قال : إنها منسوخة فيمن يرث ثابتة فيمن لا يرث ، وهو مذهب  ابن عباس   والحسن البصري  ومسروق   وطاوس  والضحاك  ومسلم بن يسار   والعلاء بن زياد  حتى قال الضحاك    : من مات من غير أن يوصي لأقربائه  فقد ختم عمله بمعصية ، وقال طاوس    : إن أوصى للأجانب وترك الأقارب  نزع منهم ورد إلى الأقارب ، فعند هؤلاء أن هذه الآية بقيت دالة على وجوب الوصية للقريب الذي لا يكون وارثا  ، وحجة هؤلاء من وجهين : 
الحجة الأولى : أن هذه الآية دالة على وجوب الوصية للقريب ، ترك العمل به في حق الوارث القريب ، إما بآية المواريث وإما بقوله عليه الصلاة والسلام : " ألا لا وصية لوارث   " أو بالإجماع على أنه لا وصية للوارث ، وههنا الإجماع غير موجود مع ظهور الخلاف فيه قديما وحديثا ، فوجب أن تبقى الآية دالة على وجوب الوصية للقريب الذي لا يكون وارثا . 
الحجة الثانية : قوله عليه الصلاة والسلام : " ما حق امرئ مسلم له مال أن يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده   " وأجمعنا على أن الوصية لغير الأقارب غير واجبة ، فوجب أن تكون هذه الوصية الواجبة مختصة بالأقارب ، وصارت السنة مؤكدة للقرآن في وجوب هذه الوصية . 
وأما الجمهور القائلون بأن هذه الآية صارت منسوخة في حق القريب الذي لا يكون وارثا ، فأجود ما لهم التمسك بقوله تعالى : ( من بعد وصية يوصي بها أو دين    ) وقد ذكرنا تقريره فيما قبل . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					