الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4566 ) فصل : فإن كان سفر الأمين باللقيط إلى مكان يقيم به ، نظرنا ; فإن كان التقطه من الحضر ، فأراد النقلة به إلى البادية لم يقر في يده لوجهين أحدهما ، أن مقامه في الحضر أصلح له في دينه ودنياه ، وأرفه له . والثاني أنه إذا وجد في الحضر ، فالظاهر أنه ولد فيه ، فبقاؤه فيه أرجى لكشف نسبه وظهور أهله ، واعترافهم به . وإن أراد النقلة به إلى بلد آخر من الحضر ، ففيه وجهان أحدهما لا يقر في يده ; لأن بقاءه في بلده أرجى لكشف نسبه ، فلم يقر في يده المنتقل عنه ، قياسا على المنتقل به إلى البادية .

                                                                                                                                            والثاني ، يقر في يده ; لأن ولايته ثابتة ، والبلد الثاني كالأول في الرفاهية ، فيقر في يده ، كما لو انتقل من أحد جانبي البلد إلى الجانب الآخر ، وفارق المنتقل به إلى البادية ; لأنه يضر به بتفويت الرفاهية عليه . وإن التقطه من البادية فله نقله إلى الحضر ; لأنه ينقله من أرض البؤس والشقاء إلى الرفاهية والدعة والدين . وإن أقام به في حلة يستوطنها ، فله ذلك . وإن كان ينتقل به في المواضع ، احتمل أن يقر في يديه ; لأن الظاهر أنه ابن بدويين ، وإقراره في يدي ملتقطه أرجى لكشف نسبه

                                                                                                                                            ويحتمل أن يؤخذ منه ، فيدفع إلى صاحب قرية ; لأنه أرفه له ، وأخف عليه . وكل موضع قلنا : ينزع من ملتقطه . فإنما يكون ذلك إذا وجد من يدفع إليه ، ممن هو أولى به . فإن لم يوجد من يقوم به ، أقر في يدي ملتقطه ; لأن إقراره في يديه مع قصوره ، أولى من إهلاكه . وإن لم يوجد إلا مثل ملتقطه ، فملتقطه أولى به ، إذ لا فائدة في نزعه من يده ، ودفعه إلى مثله .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية