( 4594 ) فصل : والأفضل أن يجعل وصيته لأقاربه الذين لا يرثون ، إذا كانوا فقراء ، في قول عامة أهل العلم . قال  ابن عبد البر    : لا خلاف بين العلماء علمت في ذلك ، إذا كانوا ذوي حاجة ، وذلك لأن الله تعالى كتب الوصية للوالدين والأقربين  ، فخرج منه الوارثون بقول النبي صلى الله عليه وسلم : { لا وصية لوارث   } . وبقي سائر الأقارب على الوصية لهم . وأقل ذلك الاستحباب ، وقد قال الله تعالى {    : وآت ذا القربى حقه    } . وقال تعالى {    : وآتى المال على حبه ذوي القربى    } فبدأ بهم ولأن الصدقة عليهم في الحياة أفضل ، فكذلك بعد الموت . فإن أوصى لغيرهم وتركهم ، صحت وصيته ، في قول أكثر أهل العلم ، منهم ;  سالم  ،  وسليمان بن يسار  ،  وعطاء  ،  ومالك  ،  والثوري  ، والأوزاعي  ،  والشافعي  ، وإسحاق  ، وأصحاب الرأي . وحكي عن  طاوس  ، والضحاك  ، وعبد الملك بن يعلى  ، أنهم قالوا : ينزع عنهم ، ويرد إلى قرابته . وعن  سعيد بن المسيب  ، والحسن  ،  وجابر بن زيد    : للذي  [ ص: 58 ] أوصى له ثلث الثلث ، والباقي يرد إلى قرابة الموصي ; لأنه لو أوصى بماله كله لجاز منه الثلث ، والباقي رد على الورثة ، وأقاربه الذين لا يرثونه في استحقاق الوصية كالورثة في استحقاق المال كله . ولنا ، ما روى  عمران بن حصين    { ، أن رجلا أعتق في مرضه ستة أعبد ، لم يكن له مال غيرهم ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فدعاهم ، فجزأهم ثلاثة أجزاء ، ثم أقرع بينهم ، فأعتق اثنين ، وأرق أربعة . فأجاز   } العتق في ثلثه لغير قرابته ، ولأنها عطية ، فجازت لغير قرابته ، كالعطية في الحياة . 
				
						
						
