الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4602 ) فصل : إذا وصى لوارثه وأجنبي بثلثه ، فأجاز سائر الورثة وصية الوارث ، فالثلث بينهما . وإن وصى لكل واحد منهما بمعين قيمتهما الثلث ، فأجاز سائر الورثة وصية الوارث ، جازت الوصية لهما . وإن ردوا بطلت وصية الوارث في المسألتين ، وللأجنبي السدس في الأولى ، والمعين الموصى له به في الثانية . وهذا قول مالك ، والشافعي وأصحاب الرأي ، وغيرهم . وإن كانت الوصيتان بثلثي ماله ، فأجاز الورثة لهما . جازت لهما . وإن عينوا نصيب الوارث بالرد وحده ، فللأجنبي الثلث كاملا ; لأنهم خصوا الوارث بالإبطال ، فالثلث كله للأجنبي ، وسقطت وصية الوارث ، فصار كأنه لم يوص له . وإن أبطلوا الزائد عن الثلث من غير تعيين نصيب أحدهما ، فالثلث الباقي بين الوصيين ، لكل واحد منهما السدس . هذا الذي ذكره القاضي . وهو قول مالك ، والشافعي .

                                                                                                                                            وذلك لأن الوارث يزاحم الأجنبي ، إذا أجاز الورثة الوصيتين ، فيكون لكل واحد منهما الثلث ، فإذا أبطلوا نصفهما بالرد ، كان البطلان راجعا إليهما ، وما بقي منهما بينهما ، كما لو تلف ذلك بغير الرد . واختار أبو الخطاب أن الثلث جميعه للأجنبي . وحكي نحو هذا عن أبي حنيفة ; لأنهم لا يقدرون على إبطال الثلث فما دون إذا كان للأجنبي ، ولو جعلنا الوصية بينهما لملكوا إبطال ما زاد على السدس ، فإن صرح الورثة بذلك ، فقالوا : أجزنا الثلث لكما ، ورددنا ما زاد عليه في وصيتكما . أو قالوا : رددنا من وصية كل واحد منكما نصفها ، وبقينا له نصفها . كان ذلك آكد في جعل السدس لكل واحد منهما ; لتصريحهم به ، وإن قالوا : أجزنا وصية الوارث كلها ، ورددنا نصف وصية الأجنبي . فهو على ما قالوا ; لأن لهم أن يجيزوا لهما ويردوا عليهما ، فكان لهم أن يجيزوا لأحدهما ويردوا على الآخر . وإن أجازوا للأجنبي جميع وصيته ، وردوا على الوارث نصف وصيته جاز ، كما قلنا . وإن أرادوا أن ينقصوا الأجنبي عن نصف وصيته ، لم يملكوا ذلك ، سواء أجازوا للوارث أو ردوا عليه . فإن ردوا جميع وصية الوارث ، ونصف وصية الأجنبي ، فعلى قول القاضي ، لهم ذلك ; لأن لهم أن يجيزوا الثلث لهما ، فيشتركان فيه ، ويكون لكل واحد منهما نصفه ، ثم إذا رجعوا فيما للوارث ، لم يرد الأجنبي على ما كان له في حالة الإجازة للوارث . وعلى قول أبي الخطاب ، يتوفر الثلث كله للأجنبي ; لأنه إنما ينتقص منه بمزاحمة الوارث ، فإذا زالت المزاحمة ، وجب توفير الثلث عليه ; لأنه قد أوصى له به . ولو خلف ابنين ، ووصى لهما بثلثي ماله ، ولأجنبي بالثلث ، فردا الوصية . فقال أبو الخطاب : عندي للأجنبي الثلث كاملا . وعند القاضي ، له التسع . ويجيء فيه من الفروع مثل ما ذكرنا في التي قبلها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية