( 4963 ) مسألة ; قال : ( وإذا غرق المتوارثان ، أو ماتا تحت هدم ، فجهل أولهما موتا ، ورث بعضهم من بعض ) وجملة ذلك أن المتوارثين إذا ماتا ، فجهل أولهما موتا  ، فإن  أحمد  قال : أذهب إلى قول  عمر  ،  وعلي  ،  وشريح  ،  وإبراهيم  ، والشعبي    : يرث بعضهم من بعض . يعني من تلاد ماله دون طارفه ، وهو ما ورثه من ميت معه . 
وهذا قول من ذكره الإمام  أحمد  ، وهو قول إياس بن عبد الله المزني  ،  وعطاء  ، والحسن  ، وحميد الأعرج  ، وعبد الله بن عتبة  ،  وابن أبي ليلى  ،  والحسن بن صالح  ، وشريك  ،  ويحيى بن آدم  ، وإسحاق  ، وحكي ذلك عن  ابن مسعود    . قال الشعبي    : وقع الطاعون عام عمواس ، فجعل أهل البيت يموتون عن آخرهم ، فكتب في ذلك إلى  عمر  ، رضي الله عنه . فكتب  عمر    : أن ورثوا بعضهم من بعض . وروي عن  أبي بكر الصديق  ،  وزيد  ،  وابن عباس  ،  ومعاذ  ،  والحسن بن علي  رضي الله عنهم ، أنهم لم يورثوا بعضهم من بعض ، وجعلوا ما لكل واحد للأحياء من ورثته 
وبه قال  عمر بن عبد العزيز  ،  وأبو الزناد  ، والزهري  ، والأوزاعي  ،  ومالك   والشافعي  رضي الله عنهم  وأبو حنيفة  ، وأصحابه ، ويروى ذلك عن  عمر  ، والحسن البصري  ،  وراشد بن سعد  ، وحكيم بن عمير  ،  وعبد الرحمن بن عوف    . وروي عن  أحمد  ما يدل عليه ، فإنه قال في امرأة وابنها ماتا ، فقال زوجها : ماتت فورثناها ، ثم مات ابني فورثته . وقال أخوها : مات ابنها فورثته ، ثم ماتت فورثناها    . 
حلف كل واحد منهما على إبطال دعوى صاحبه ، وكان ميراث الابن لأبيه ، وميراث المرأة لأخيها وزوجها نصفين . فجعل ميراث كل واحد منهما للأحياء من ورثته . فيحتمل أن يجعل هذا رواية عن  أحمد  في جميع مسائل الباب ، ويحتمل أن يكون هذا قولا فيما إذا ادعى وارث كل ميت أن موروثه كان آخرهما موتا ، ويرث كل واحد منهما من الآخر ، إذا اتفق وراثهم على الجهل بكيفية موتهم ; لأن مع التداعي تتوجه اليمين ، على المدعى عليه ، فيحلف على إبطال دعوى صاحبه ، ويتوفر الميراث له . 
كما في سائر الحقوق ، بخلاف ما إذا اتفقوا على الجهل ، فلا تتوجه يمين ; لأن اليمين لا يشرع في موضع اتفقوا على الجهل به . واحتج من قال بعدم توريث بعضهم من بعض ، بما روى سعيد  ، حدثنا  إسماعيل بن عياش  ، عن  يحيى بن سعيد    : أن قتلى اليمامة  ، وقتلى صفين  والحرة  ، لم يورثوا بعضهم من بعض ، وورثوا عصبتهم الأحياء  [ ص: 256 ] 
وقال : حدثنا  عبد العزيز بن محمد  ، عن جعفر بن محمد  ، عن أبيه : أن  أم كلثوم بنت علي  توفيت هي وابنها زيد بن عمر  ، فالتقت الصيحتان في الطريق ، فلم يدر أيهما مات قبل صاحبه ، فلم ترثه ولم يرثها 
وأن أهل صفين  ، وأهل الحرة  لم يتوارثوا . ولأن شرط التوريث حياة الوارث بعد موت الموروث ، وهو غير معلوم ، ولا يثبت التوريث مع الشك في شرطه ، ولأنه لم تعلم حياته حين موت موروثه ، فلم يرثه ، كالحمل إذا وضعته ميتا ، ولأن الأصل عدم التوريث فلا نثبته بالشك ، ولأن توريث كل واحد منهما خطأ يقينا ; لأنه لا يخلو من أن يكون موتهما معا ، أو سبق أحدهما به ، وتوريث السابق بالموت والميت معه خطأ يقينا ، مخالف للإجماع ، فكيف يعمل به ، فإن قيل : ففي قطع التوريث قطع توريث المسبوق بالموت ، وهو خطأ أيضا 
قلنا : هذا غير متيقن ; لأنه يحتمل موتهما جميعا ، فلا يكون فيهما مسبوق . وقد احتج بعض أصحابنا بما روى إياس بن عبد الله المزني  ، أن النبي صلى الله عليه وسلم { سئل عن قوم وقع عليهم بيت . فقال : يرث بعضهم بعضا   } . والصحيح أن هذا إنما هو عن إياس  نفسه ، وأنه هو المسئول ، وليس براوية عن النبي صلى الله عليه وسلم . هكذا رواه سعيد  في " سننه " . وحكاه الإمام  أحمد  عنه . وقال  أبو ثور  ، وابن سريج  ، وطائفة من البصريين    : يعطى كل وارث اليقين ، ويوقف المشكوك فيه ، حتى يتبين الأمر ، أو يصطلحوا 
وقال الخبري    : هذا هو الحكم فيما إذا علم موت أحدهما قبل صاحبه . ولم يذكر فيه خلافا . ومن مسائل ذلك   ; أخوان غرقا ، أحدهما مولى زيد  ، والآخر مولى عمرو     ; من ورث كل واحد منهما من صاحبه ، جعل ميراث كل واحد منهما لمولى أخيه ، ومن لم يورث أحدهما من صاحبه ، جعل ميراث كل واحد منهما لمولاه ، ومن قال بالوقف وقف مالهما . فإن ادعى كل واحد من الموليين أن مولاه آخرهما موتا ، حلف كل واحد منهما على إبطال دعوى صاحبه ، وأخذ مال مولاه على مسألة  الخرقي  
وإن كانت لهما أخت ، فلها الثلثان من مال كل واحد منهما على القول الأول ، والنصف على القول الثاني . وإن خلف كل واحد منهما بنتا وزوجة  ، فمن لم يورث بعضهم من بعض ، صححها من ثمانية ، لامرأته الثمن ، ولابنته النصف ، والباقي لمولاه . ومن ورثهم ، جعل الباقي لأخيه ، ثم قسمه بين ورثة أخيه على ثمانية ، ثم ضربها في الثمانية الأولى ، فصحت من أربعة وستين ; لامرأته ثمانية ، ولابنته اثنان وثلاثون ، ولامرأة أخيه ثمن الباقي ، ولابنته اثنا عشر ، ولمولاه الباقي تسعة   . أخ وأخت غرقا ، ولهما أم وعم وزوجان    . 
فمن ورث كل واحد من صاحبه ، جعل ميراث الأخ بين امرأته وأمه وأخته على ثلاثة عشر ، فما أصاب الأخت منها فهو بين زوجها وأمها وعمها على ستة ، فصحت المسألتان من ثلاثة عشر ; لامرأة الأخ ثلاثة ، ولزوج الأخت ثلاثة ، وللأم أربعة بميراثها من الأخ ، واثنان بميراثها من الأخت ، وللعم سهم ، وميراث الأخت بين زوجها وأمها وأخيها على ستة ; لأخيها سهم بين أمه وامرأته وعمه على اثني عشر ، تضربها في الأولى ، تكن من اثنين وسبعين ، والضرر في هذا القول على من يرت من أحد الميتين دون الآخر ، وينتفع به من يرث منهما 
ثلاثة إخوة من أبوين . غرقوا ، ولهم أم وعصبة  ، فقدر موت أحدهم أولا ، فلأمه السدس ، والباقي لأخويه ، فتصح من اثني عشر ، لكل واحد من أخويه خمسة ، بين أمه وعصبته ، على ثلاثة ، فتضربها في الأولى ، تكن ستة وثلاثين ، للأم من ميراث الأول السدس ستة ، ومما ورثه كل واحد من الأخوين خمسة ، فصار لها ستة عشر ، والباقي للعصبة ،  [ ص: 257 ] ولها من ميراث كل واحد من الأخوين مثل ذلك . ذكر هذه المسألة أبو بكر    . 
ثلاثة إخوة مفترقين غرقوا ، وخلف كل واحد منهم أخته لأبويه  ، فقدر موت الأخ من الأبوين أولا عن أخته من أبويه ، وأخويه من أبيه ، وأخويه من أمه ، فصحت مسألته من ثمانية عشر ; لأخيه من أمه منها ثلاثة بين أخته من أبويه وأخته من أمه ، على أربعة وأصاب الأخ من الأب منها اثنين ، بين أخيه من أبويه ، وأخته من أبيه ، على أربعة ، فتجتزئ بإحداهما ، وتضربها في الأولى ، تكن اثنين وسبعين ، ثم قدر موت الأخ من الأم ، عن أخت لأبوين ، وأخ ، وأخت لأم ، فمسألته من خمسة 
مات أخوه لأمه عن ثلاث أخوات مفترقات ، فهي من خمسة أيضا ، تضربها في الأولى ، تكن خمسة وعشرين ، ثم قدر موت الأخ من الأب ، عن أخت لأبويه ، وأخ وأخت لأبيه ، فهي من ستة ، ثم مات الأخ من الأب عن ثلاث أخوات مفترقات ، فهي من خمسة ، تضربها في الأولى ، تكن ثلاثين . فإن خلف بنتا وأخوين ، فلم يقتسموا التركة حتى غرق الأخوان ، وخلف أحدهما امرأة وبنتا وعما ; وخلف الآخر ابنتين ، وابنتين ; الأولى من أربعة ، مات أحدهم عن سهم ، ومسألته من ثمانية ، لأخيه منها ثلاثة بين أولاده على ستة رجعوا إلى اثنين ، تضربها في ثمانية ، تكن ستة عشر 
وفريضة الآخر من ستة ، يتفقان بالنصف ، فاضرب نصف إحداهما في الأخرى ، تكن ثمانية وأربعين ، ثم في أربعة ، تكن مائة واثنين وتسعين ، للبنت نصفها ، ولأولاد الأخ عن أبيهم ربعها ، وعن عمهم ثمانية عشر ، صار لهم ستة وستون ، ولامرأة الأخ ستة ، ولبنته أربعة وعشرون . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					