( 5103 ) فصل : ومن شرط العامل أن يكون بالغا عاقلا أمينا ;  لأن ذلك ضرب من الولاية ، والولاية تشترط فيها هذه الخصال ، ولأن الصبي والمجنون لا قبض لهما ، والخائن يذهب بمال الزكاة ويضيعه على أربابه . ويشترط إسلامه . واختار هذا  القاضي    . وذكر  أبو الخطاب  وغيره ، أنه لا يشترط إسلامه ; لأنه إجارة على عمل ، فجاز أن يتولاه الكافر ، كجباية الخراج . وقيل عن  أحمد  في ذلك روايتان . ولنا ، أنه يشترط له الأمانة ، فاشترط له الإسلام ، كالشهادة ، ولأنه ولاية على المسلمين ، فلم يجز أن يتولاها الكافر ، كسائر الولايات ، ولأن من ليس من أهل الزكاة . 
لا يجوز أن يتولى العمالة كالحربي ، ولأن الكافر ليس بأمين ، ولهذا قال  عمر    : لا تأتمنوهم وقد خونهم الله تعالى . وقد أنكر  عمر  على  أبي موسى  توليته الكتابة نصرانيا . فالزكاة التي هي ركن الإسلام أولى . ويشترط كونه من غير ذوي القربى ، إلا أن يدفع إليه أجرته من غير الزكاة . وقال أصحابنا : يجوز له الأخذ منها ; لأنها أجرة على عمل تجوز للغني ، فجازت لذوي القربى ، كأجرة النقال والحافظ . وهذا أحد الوجهين لأصحاب  الشافعي    . ولنا ، حديث  الفضل بن العباس   وعبد المطلب بن ربيعة بن الحارث  ، حين سألا النبي صلى الله عليه وسلم أن يبعثهما على الصدقة ، فأبى أن يبعثهما . 
وقال : { إنما هذه الصدقة أوساخ الناس ، وإنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد    } . وحديث أبي رافع  أيضا . وهذا ظاهر في تحريم أخذهم العمالة ، فلا تجوز مخالفته . ويفارق النقال والحمال والراعي ، فإنه يأخذه أجرة لحمله لا لعمالته . ولا يشترط كونه حرا ; لأن العبد يحصل منه المقصود كالحر ، فجاز أن يكون عاملا كالحر . ولا كونه فقيها إذا كتب له ما يأخذه ، وحد له ، كما كتب النبي صلى الله عليه وسلم لعماله فرائض الصدقة ، وكما كتب  أبو بكر  لعماله ، أو بعث معه من يعرفه ذلك . ولا كونه فقيرا ; لأن الله تعالى جعل العامل صنفا غير الفقراء والمساكين ، فلا يشترط وجود معناهما فيه ، كما لا يشترط معناه فيهما . 
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { لا تحل الصدقة لغني ، إلا لخمسة ; لغاز في سبيل الله ، أو لعامل عليها ، أو لرجل ابتاعها بماله ، أو لرجل كان له جار مسكين فتصدق على المسكين ، فأهدى المسكين إلى الغني   } .  [ ص: 327 ] رواه أبو داود    . وذكر أصحاب  الشافعي  أنه تشترط الحرية ; لأن العمالة ولاية ، فنافاها الرق ، كالقضاء . ويشترط الفقه ; ليعلم قدر الواجب وصفته . ولنا ، ما ذكرناه ، ولا نسلم منافاة الرق للولايات الدينية ، فإنه يجوز أن يكون إماما في الصلاة ، ومفتيا ، وراويا للحديث ، وشاهدا ، وهذه من الولايات الدينية . 
وأما الفقه ، فإنما يحتاج إليه لمعرفة ما يأخذه ويتركه ، ويحصل ذلك بالكتاب له ، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وصاحباه رضي الله عنهما . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					