[ ص: 94 ] باب حكم الأرضين المغنومة يعني : المأخوذة من الكفار بقتال أو غيره ( وهي ) أي : الأرضون ( على ثلاثة أضرب ) للاستقراء ( أحدها : ما فتح عنوة  أي : قهرا أو غلبة ) ، من عنا يعنو إذا ذل ، وخضع ( وهي ) شرعا ( ما أجلي عنها أهلها بالسيف ، فيخير الإمام تخيير مصلحة ) كالتخيير في الأسارى ، فيلزمه أن يفعل ما يراه أصلح ( لا ) تخيير تشبيه ; لأنه نائب المسلمين ، فلا يفعل إلا ما فيه صلاحهم ( بين قسمتها ) على الغانمين ( كمنقول ) ; لأنه صلى الله عليه وسلم " قسم نصفخيبر  ، ووقف نصفها لنوائبه ، وحوائجه " رواه أبو داود  من حديث سهل بن أبي حثمة    ( فتملك ) الأرض التي فتحت عنوة ، وقسمت بين الغانمين ( به ) أي : بقسمها ( ولا خراج عليها ) ; لأنها ملك الغانمين . 
( ولا ) خراج أيضا ( على ما أسلم أهله عليه ، كالمدينة  ، أو صولح أهله ) على ( أن الأرض لهم ، كأرض اليمن  ، والحيرة    ) بكسر الحاء المهملة مدينة قرب الكوفة    ( وبانقيا    ) بالباء الموحدة ، وكسر النون ، وسكون القاف بعدها ياء مثناة تحت ( أو أحياه المسلمون كأرض البصرة    ) بتثليث الباء ( وبين وقفها للمسلمين ) كما وقف  عمر  الشام  ، ومصر  ، والعراق  ، وسائر ما فتحه ، وأقره الصحابة على ذلك . 
، وعن  عمر  قال " أما ، والذي نفسي بيده لولا أن أترك آخر الناس ببانا أي : لا شيء لهم - ما فتحت علي قرية إلا قسمتها كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر  ، ولكني أتركها لهم خزانة يقتسمونها " - رواه  البخاري    ( بلفظ يحصل به الوقف ) . 
; لأن الوقف لا يثبت بنفسه فحكمها قبل الوقف حكم المنقول ، وقال في أحكام الذمة : معنى وقفها : تركها على حالها لم يقسمها بين الغانمين ، لا أنه أنشأ تحبيسها ، وتسبيلها على المسلمين هذا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا  عمر  ، ولا أحد من الأئمة بعده ( فيمتنع بيعها ، ونحوه ) كهبتها بعد وقفها كسائر الوقوف . 
، ويأتي ما فيه في أول البيع ( ويضرب عليها ) الإمام بعد وقفها ( خراجا مستمرا ، يؤخذ ممن هي في يده من مسلم ، ومعاهد يكون أجره لها ) لما  [ ص: 95 ] روى أبو عبيد  في كتاب الأموال عن الماجشون  قال : قال  بلال   لعمر بن الخطاب  في القرى التي افتتحوها عنوة : " اقسمها بيننا ، وخذ خمسها " فقال  عمر    : لا ، ولكني أحبسه ، فيجري عليهم ، وعلى المسلمين " فقال  بلال  ، وأصحابه " اقسمها فقال  عمر    " اللهم اكفني  بلالا  ، وذويه " فما حال الحول ، ومنهم عين تطرف قال  القاضي    : ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أحد من الخلفاء أنه قسم أرضا أخذت عنوة إلا خيبر    . 
وفي المحرر أو يملكها لأهلها أو غيرهم بخراج فدل كلامهم : أنه لو ملكها بغير خراج كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في مكة  لم يجز وقاله أبو عبيد    ; لأنها مسجد لجماعة المسلمين ، وهي مناخ من سبق ، بخلاف بقية البلدان قاله في المبدع . 
( ويلزمه ) أي : الإمام ( فعل الأصلح ) للمسلمين من القسمة أو الوقف لما تقدم ( وليس لأحد نقضه ) ; لأنه حكم ( ولا نقض ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم من وقف أو قسمة أو فعله الأئمة بعده ، ولا تغييره ) أي : تغيير ما تقدم ذكره ; لأنه نقض للحكم اللازم ، وإنما التخيير ، والاختلاف فيما استؤنف فتحه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					