الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( فصل وأما ربا النسيئة ) من النساء بالمد ، وهو التأخير ، يقال : نسأت الشيء وأنسأته أخرته وقد أشار إلى معناه الخاص هنا فقال ( فكل شيئين ) من جنس أو جنسين ( ليس أحدهما نقدا ) [ ص: 264 ] ذهبا أو فضة ( وعلة ربا الفضل ) وهو الكيل والوزن كما تقدم ( فيهما واحدة ، كمكيل بمكيل ) من جنسه أو غيره ( بأن باع مد بر بجنسه ) أي ببر ( أو ) باع مد بر ( بشعير ونحوه ) كباقلا وعدس وأرز وموزون بموزون بأن باع رطل حديد ( بجنسه ) أي بحديد ( أو ) باع رطل حديد ( بنحاس ونحوه ) كرصاص وقطن وكتان .

                                                                                                                      ( ولا يجوز النساء فيهما ) بغير خلاف نعلمه قاله في الشرح لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد { ولا تبيعوا منها غائبا بناجز } ولقوله صلى الله عليه وسلم { الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء } ومعناها على اختلاف لغاتها : خذ وهات في الحال ، يدا بيد ( فيشترط ) لصحة البيع في ذلك ( الحلول والقبض في المجلس ) لما ذكر .

                                                                                                                      ثم إن اتحد الجنس اعتبر التماثل وإلا جاز التفاضل كما تقدم ( فإن تفرقا ) أي المتعاقدان ( قبله ) أي قبل القبض من الجانبين ( بطل العقد ) لما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم { فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم يدا بيد } والمراد به القبض بتأخير القبض .

                                                                                                                      ( وإن كان أحدهما ) أي أحد المبيعين ( نقدا فلا ) يحرم النساء ولا يبطل العقد بتأخير القبض ولو كان الثاني موزونا كبيع حديد أو نحاس أو نحوه بذهب أو فضة قال في المبدع : بغير خلاف لأن الشارع أرخص في السلم .

                                                                                                                      والأصل في رأس ماله : النقدان فلو حرم النساء فيه لانسد باب السلم في الموزونات غالبا ( ولو في صرف فلوس نافقة به ) أي بنقد فيجوز النساء ( واختاره الشيخ وغيره ) كابن عقيل وذكره الشيخ رواية قال في الرعاية : إن قلنا هي عرض جاز ، وإلا فلا ( خلافا لما في التنقيح ) من أنه يشترط الحلول والتقابض في صرف نقد بفلوس نافقة والذي قاله في التنقيح قدمه في المبدع وذكر في الإنصاف : أنه الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب ونص عليه وقدمه في المحرر والفروع والرعايتين والحاويين والفائق ا هـ وجزم به في المنتهى ( وإن اختلفت العلة فيهما ) أي في المبيعين .

                                                                                                                      ( كما لو باع مكيلا بموزون جاز التفرق قبل القبض و ) جاز ( النساء ) أي التأجيل لأنهما لم يجتمعا في أحد وصفي علة ربا الفضل أشبه الثياب بالحيوان ( وما كان مما ليس بمكيل ولا بموزون ، كثياب وحيوان وغيرهما يجوز النساء فيه سواء بيع بجنسه ، أو بغير جنسه متساويا أو متفاضلا ) لأمر النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمر { أن يأخذ على قلائص الصدقة فكان يأخذ البعير بالبعيرين ، أي إلى إبل الصدقة } رواه أحمد [ ص: 265 ] والدارقطني وصححه وإذا جاز في الجنس الواحد ففي الجنسين أولى .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية