الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وفرق بين مدلس وغيره )

                                                                                                                            ش : ذكر - رحمه الله - من المسائل التي يفترق فيها الحكم بين المدلس وغيره ست مسائل .

                                                                                                                            ( قلت : ) ويفترق المدلس من غيره في المسألتين أيضا الأولى : أن المدلس يؤدب ، وغيره لا أدب عليه .

                                                                                                                            قال في رسم القبلة من سماع ابن القاسم من كتاب العيوب : قال مالك : من باع عبدا ، أو ولده وبه عيب غر به ، أو دلسه أنه يعاقب البائع ويرد عليه .

                                                                                                                            قال ابن رشد : هذا كما قال ، وهو مما لا اختلاف فيه أن الواجب على من غش أخاه أو غره أو دلس له بعيب أن يؤدب على ذلك مع الحكم عليه بالرد ; لأنهما حقان مختلفان أحدهما لله ليتناهى الناس عن حرمات الله والآخر للمدلس عليه بالعيب فلا يتداخلان .

                                                                                                                            الثانية : قال في اللباب : من الأحكام التي يفترق فيها المدلس من غيره حكم ما يأخذه الماكس مثل أن يشتري حمارا فيؤدي عليه مكسا ، ثم يحدث به عيب فيريد الرجوع به على البائع ، ولم يحضرني الآن في المسألة نقل ، والذي يوجبه النظر أن البائع إن كان مدلسا فيرجع به عليه وإلا فلا ، وقد أشار ابن يونس إلى الخلاف في المبتاع يؤدي مكسا على المبيع ، ثم يؤخذ بالشفعة هل يلزم المبتاع دفع ذلك أم لا ؟ وأجرى ذلك بعضهم على مسألة من اشترى شيئا من يد لص هل يأخذه ربه بلا ثمن ، أو حتى يدفع للمشتري ما دفع ؟ يمكن أن يقال : إنه ظلم ، فيكون مما أخذه منه انتهى .

                                                                                                                            وقوله في مسألة الشفعة : هل يلزم المبتاع صوابه : هل يلزم الشفيع ؟ وقد قال المصنف في باب الشفعة ، وفي المكس تردد ، وقال في باب الجهاد في مسألة المشتري من لص والأحسن في المفدى من لص أخذه بالفداء ، وقال ابن عرفة إثر كلامه السابق في مسألة تعليم العبد الصنعة قال المازري قال بعض الأشياخ : غرم قبالة السلطان على شراء ما يشتري يوجب رجوع المشتري بالأرش ، وخرجه بعضهم على غرم أجر الصنعة انتهى .

                                                                                                                            فهذا يقتضي أن الغرم للسلطان يفيت الرد بالعيب ويتعين معه الرجوع بالأرش ، والذي يظهر من كلام ابن رشد أنه إذا رد بالعيب يرجع بما غرمه للسلطان إذا كان مدلسا ، ولأنه يرجع بما إذا لم يكن مدلسا فتأمله .

                                                                                                                            ( تنبيه : ) قال في المقدمات البائع محمول على عدم التدليس حتى يثبت ذلك عليه ، أو يقر به على نفسه انتهى .

                                                                                                                            وقاله في المدونة ، وإن ادعى يعني المشتري أن البائع دلس له فأنكره حلفه ، ولو قال البائع : علمت العيب ونسيته حين البيع حلف له أنه نسيه انتهى .

                                                                                                                            وقال في المقدمات : فإن أنكر أن يكون علم ، أو ادعى أنه نسي حلف على ذلك ، فإن حلف خير المبتاع عند ابن القاسم ، وحكى ابن المواز عن مالك أنه لا يحلف إلا بعد أن يخير المبتاع فيختار الرد ; إذ لا معنى ليمينه إذا اختار الإمساك والرجوع بقيمة العيب انتهى .

                                                                                                                            وحكى القولين في المنتقى ، وقال : إن قول ابن القاسم أحرى على أصل ابن المواز الآتي في إسقاط حكم التخيير مع التدليس ، وقول ابن المواز أحرى على قول ابن القاسم في إثبات التخيير .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية