الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وإن كرر الطلاق بعطف بواو أو فاء أو ثم فثلاث إن دخل )

                                                                                                                            ش : أي ولا ينوي وتقييده بالمدخول [ ص: 59 ] بها تبع فيه ابن شاس وابن الحاجب وناقشهما في ذلك في التوضيح .

                                                                                                                            وكذلك ابن عبد السلام وابن عرفة ونبه على ذلك ابن غازي وكلام المدونة صريح في أنه لا ينوي وإن لم يدخل ، قال في كتاب الأيمان بالطلاق من المدونة : وإن قال لامرأته : أنت طالق وأنت طالق وأنت طالق أو ثم ثم ثم فهي ثلاث ولا ينوي وفي النسق بالواو إشكال .

                                                                                                                            قال ابن القاسم : ورأيت الأغلب من قوله إنها مثل ثم ولا ينويه وهو رأي وكذلك إن قال ذلك لأجنبية ، وقال معه إن تزوجتك ، انتهى . فهذا نص في أنه يلزمه في غير المدخول بها وقد قال ابن عرفة بعد نقله كلام الأم : فمن أنصف علم أن لفظها في لزوم الثلاث في ثم والواو ظاهر أو نص فيمن بنى أو لم يبن وهو مقتضى مشهور المذهب فمن أتبع الخلع طلاقا وناقش ابن شاس وابن الحاجب في تخصيصهما ذلك بمن بنى بها وناقش ابن عبد السلام أيضا لأن في كلامه ميلا لقبول كلامهما وناقشه فيما تمسك به لهما من كلام البراذعي وأطال الكلام في ذلك فراجعه إن أردته ، والله أعلم .

                                                                                                                            ( فائدة ) قال القرافي في الفرق الثاني والستين بعد المائتين : حكى صاحب مجالس العلماء أن الرشيد كتب إلى قاضيه أبي يوسف هذه الأبيات وبعث بها إليه يمتحنه بها

                                                                                                                            فإن ترفقي يا هند فالرفق أيمن وإن تخرقي يا هند فالخرق أشأم


                                                                                                                            فأنت طالق والطلاق عزيمة     ثلاث ومن يخرق أعق وأظلم


                                                                                                                            فبيني بها إن كنت غير رفيقة     وما لامرئ بعد الثلاث مقدم

                                                                                                                            وقال له : إذا نصبنا ثلاثا ما يلزمه وإذا رفعناه كم يلزمه فأشكل عليه ذلك وحمل الرقعة إلى الكسائي وكان معه في الدرب ، فقال له الكسائي : اكتب له في الجواب يلزمه بالرفع واحدة وبالنصب ثلاث يعني أن الرفع يقتضي أن ثلاثا خبر عن المبتدأ الذي هو الطلاق الثاني ويكون منقطعا عن الأول فلم يبق إلا قوله أنت طالق فيلزمه واحدة وبالنصب يكون تمييزا لقوله فأنت طالق فيلزمه الثلاث فإن قلت إذا نصبناه أمكن أن يكون تمييزا عن الأول كما قلت وأمكن أن يكون منصوبا على الحال من الثاني أي الطلاق معزوم عليه في حال كونه ثلاثا أو تمييزا فلم خصصته بالأول قلت الطلاق الأول منكر يحتمل تنكيره جميع مراتب الجنس وأعداده وأنواعه من غير تنصيص على شيء من ذلك لأجل التنكير فاحتاج للتمييز ليحصل المراد من ذلك المنكر المجهول وأما الثاني فمعرفة استغني بتعريفه واستغراقه الناشئ عن لام التعريف عن البيان فهذا هو المرجح ويحكى عن الرشيد أنه بعث بهذه الرقعة أول الليل وبعث أبو يوسف الجواب بها أول الليل على حاله وجاءه من آخر الليل بغال موثقة قماشا وتحفا جائزة على الجواب فبعث بها أبو يوسف إلى الكسائي ولم يأخذ منها شيئا بسبب أنه الذي أعانه على الجواب فيها ، انتهى .

                                                                                                                            ونقل ابن عرفة في هذا الباب كلام القرافي المذكور برمته ولم يزد عليه شيئا ونقل الحكاية أيضا ابن هشام في المغني في الكلام على أل ، والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية