الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وانتظر إن أثبت كيوم قدوم زيد )

                                                                                                                            ش : يعني أن من حلف على أمر محتمل غير غالب يثبت فإنه لا يلزمه الطلاق حتى يقع الأمر المعلق عليه كما إذا قال : أنت طالق يوم قدوم زيد فإنها لا تطلق حتى يقدم زيد ، قال في المدونة : وإن قال لامرأته : إذا قدم فلان أو إن قدم فأنت طالق لم يلزمه شيء حتى يقدم فلان ، انتهى .

                                                                                                                            ( تنبيهان . الأول ) قال ابن ناجي : ومعناه ما لم يقصد جعل قدومه أجلا فإن قصده طلقت الآن ، انتهى .

                                                                                                                            يعني أن هذا إذا لم يكن مراده تعليق الطلاق على الوقت فأما إن كان مراده تعليق الطلاق على الوقت وذكر الأمر الموقت على سبيل التبع فإنه يصير بمنزلة من علق الطلاق على وقت ، وقاله ابن عرفة ونقله عن النوادر ، والله أعلم .

                                                                                                                            ( الثاني ) قال ابن ناجي إثر كلامه المتقدم : وظاهر الكتاب لو قدم بفلان ميتا فإنه لا حنث عليه ; لأنه لا يصدق عليه قولها إذا قدم فلان ، قاله أبو محمد عن سحنون واختاره شيخنا أبو مهدي ، وقال شيخنا حفظه الله يتخرج على قولين من قولهم في الأيمان إذا حلف لا دخل عليه بيتا فدخل عليه ميتا فالروايات الحنث خلافا لسحنون وانظر اللخمي إذا قال : إن قدم أبي ، انتهى . من كتاب الأيمان بالطلاق في ترجمة جامع القول .

                                                                                                                            ( فرع ) قال في الجواهر : ولو قال : أنت طالق يوم قدوم فلان فقدم في نصف النهار تبين الوقوع أول النهار ولو قدم ليلا لم تطلق عليه إلا أن تكون نيته تعليق الطلاق بالقدوم ، انتهى .

                                                                                                                            وقال في كتاب الأيمان بالطلاق من المدونة في آخر ترجمة جامع القول في الأيمان بالطلاق : وإن قال لها أنت طالق يوم أدخل دار فلان فدخلها ليلا أو حلف على الليل فدخلها نهارا دون ليل أو ليلا دون نهار حنث إلا أن ينوي ، انتهى . فتأمله .

                                                                                                                            مع كلام الجواهر فإنهما يتعارضان فيما إذا لم تكن له نية وانظر كلام الجواهر أيضا مع ما قاله المازري في شرح التلقين في أثناء كتاب الوكالة مشبها مسألة بمسألة ونصه وكمن قال لامرأته : أنت طالق يوم يقدم زيد من سفره فقدم زيد ليلا فإنه يلزمه الطلاق لأن المراد بقوله يوم الوقت وإطلاق هذه اللفظة على الوقت مجاز والوقت هو الليل والنهار فلهذا لزمه الطلاق ، انتهى .

                                                                                                                            وقال البرزلي بعد نقله كلام المدونة وفي كلام الشعبي : من قال لعبده : يوم تلد فلانة فأنت حر ، وقال الآخر : ليلة أن تلد فلانة فأنت حر فإن ولدت نهارا عتق الأول وإن ولدت ليلا عتقا معا لأن الليل من النهار البرزلي ولفظ المدونة إنما هو في اليوم وهو كمال دورة الفلك إما من الطلوع للطلوع أو من الغروب للغروب أو من الزوال للزوال وظاهر القرآن المغايرة من قوله : { سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام } والأيمان تحمل على المقاصد أو على كلام العرب ومذهبهم أن الليل يستلزم النهار دون [ ص: 79 ] العكس عند الإطلاق ، انتهى . فتأمل ذلك ، والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية