الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( باب شرط السلم قبض رأس المال كله )

                                                                                                                            ش : قال ابن عرفة السلم عقد معاوضة يوجب عمارة ذمة بغير عين ولا منفعة غير متماثل العوضين فيخرج شراء الدين وإن ماثل حكمه حكمه ; لأنه لا يصدق عليه عرفا والمختلفان بجواز اشتراكهما في شيء واحد والكراء المضمون والقرض ولا يدخل إتلاف المثلي غير عين ولا هبة غير معين انتهى . وأما حكمه فقال المشذالي في حاشيته في أول السلم الأول صرح في المدونة بأنه رخصة مستثنى من بيع ما ليس عندك انتهى ، وقال ابن عبد السلام والشروط التي يذكرها المؤلف يعني ابن الحاجب هي في جوازه فحكمها أجدر بالجواز لقوله تعالى { : وأحل الله البيع } . وللحديث : من أسلم فليسلم في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم . والإجماع على جوازه انتهى .

                                                                                                                            ( تنبيه ) قال الجزولي في الكبير روي عن ابن عمر كراهة تسميته بالسلم قال : لأن السلم اسم الله فكرهه ; لأن فيه تهاونا قال في المدارك وكان شيخنا يكره تسميته بالسلم ، ثم قال والصحيح أنه يجوز أن يسمى بالسلم انتهى . وقال ابن عبد السلام وكره بعض السلف لفظة السلم في حقيقته العرفية التي هي أحد أنواع البيع ورأى أنه إنما يستعمل لفظ السلف أو التسليف صونا منه للفظ السلم عن التبذل في الأمور الدنيوية ورأى أنه قريب من لفظ الإسلام ، ثم قال والصحيح جوازه لا سيما وغالب استعمال الفقهاء إنما هو صيغة الفعل مقرونة بحرف في فيقول أسلم في كذا فإذا أرادوا الاسم أتوا بلفظة السلم وقل ما يستعملون لفظة الإسلام في هذا الباب وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من أسلم فليسلم في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم ا هـ .

                                                                                                                            وقال في المتيطية بعد أن ذكر في صفة الوثيقة إنك تقول أسلم فلان بن فلان الفلاني إلى فلان ما نصه ، قولنا في أول هذا النص أسلم فلان بن فلان إلى فلان هو الصواب وإن قلت سلف وكلاهما حسن وإن شئت ابتدأت العقد بدفع فلان إلى فلان كذا وكذا سلما ، وقال ابن العطار في وثائقه جائز أن يقول سلم وأسلم وفي وثائق محمد بن محمد الباجي جائز أن يقول سلم وأسلف ويكره أن يقول أسلم فلان وروى ذلك عبد الله عن ابن عمر ، وقال إنما الإسلام لله رب العالمين ا هـ .

                                                                                                                            وقول المصنف قبض رأس المال كله تصوره من كلام الشارح ظاهر ، وقال ابن عبد السلام لا أعلم خلافا في كون تعجيل رأس المال عزيمة ، وأن الأصل التعجيل ، وإنما الخلاف هل يرخص في تأخيره ( تنبيه ) قال المتيطي بعد أن ذكر صفة وثيقة تكتب فيما إذا تعاقدا السلم على الصحة ، ثم امتنع المسلم من الدفع أو المسلم إليه من القبض حتى حل أجل السلم ما نصه فإذا ظفر الطالب منهما بالفار وأثبت هذا العقد على عينه أو لم يظفر به وأثبته في مغيبه قضى السلطان عليه بإمضاء الصفقة إن كان الفار من المسلم إليه بعد الإعذار إليه وعجزه عن الدفع وأخذه ذلك منه في حضور للمسلف بعد حلول الأجل وفي مغيبه يقضي بذلك عليه في ماله وترجى له الحجة إلى حضوره ، وإن كان المسلم إليه هو الطالب للمسلف فلا يقضى على المسلف بشيء ويفسخ السلف وإن كان المسلف هو الفار ، ثم جاء يطلب المسلم إليه وأبى المسلم إليه من إمضاء السلف لم يقض عليه بذلك وإذا وقع بين المتصارفين مثل هذا أو فر أحدهما لزم الفار منهما الصرف متى ظفر به ا هـ .

                                                                                                                            وانظر كلام ابن عبد السلام فإنه يظهر منه أن الكلام إنما يأتي على القول بعدم فساد السلم إذا تأخر زمنا طويلا من غير [ ص: 515 ] شرط وانظر أيضا كلام الذخيرة وانظر ما ذكره في المتصارفين مع ما تقدم لسند عند قول المصنف في باب الخيار وبدئ المشتري للتنازع ، والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية