ولما أصابهم ذلك سبب لهم الهجرة عن ديارهم ديار السوء والغضب واللعنة ، فقال تعالى - إعلاما لنا بذلك - : فتولى   أي : كلف نفسه الإعراض عنهم وقال  أي : لما أدركه من أحوال البشر من الرقة على فوات إيمانهم وهم أصله وعشيرته يا قوم  أي : الذين يعز علي ما يؤذيهم لقد أبلغتكم  ولعله وحد قوله : رسالة ربي  لكون آيته واحدة ونصحت  وقصر الفعل وعداه باللام فقال : لكم  دلالة على أنه خاص بهم ، روي أنه خرج عنهم في مائة وعشرة من المسلمين وهو يبكي ، وكان قومه ألفا وخمسمائة دار ، وروي أنه رجع بمن معه فسكنوا ديارهم . 
ولما كان التقدير : ففعلت معكم ما هو مقتض لأن تحبوني لأجله - عطف عليه قوله : ولكن  لم تحبوني ، هكذا كان الأصل ولكنه عبر بما يفهم أن هذا كان دأبهم وخلقا لهم مع كل ناصح ، فقال : لا تحبون  أي : حاكيا لحالهم الماضية الناصحين  أي : كل من فعل فعلي من النصح التام . 
				
						
						
