الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما ثبت أنه لا كفؤ له بما ذكر من صفاته وأفعاله ، وبين فساد أقوال المشركين ، وفصل مذاهبهم على أحسن الوجوه ، وبين فساد كل واحد منها بأمتن الحجج ، فثبت بذلك ما افتتح السورة به من إحاطته بصفات الكمال - قال مشيرا إلى ذلك كله بمبتدإ خبر بعده أخبار : ذلكم أي : العالي الأوصاف جدا الذي لا حاجة له إلى شيء ، وكل شيء محتاج إليه الله أي : الذي له كل كمال ربكم أي : الموجد لكم والمحسن بجميع أنواع الإحسان ، فهي فذلكة ما قبلها وثمرته ؛ لأن من اتصف بذلك كان هو رب الكل وحده [والخالق للجميع واستحق العبادة وحده] فلذا أتبع ذلك قوله : لا إله إلا هو لأن المقام للتوحيد اللازم للإحاطة بأوصاف الكمال التي هي معنى الحمد المفتتح به السورة ، وساق قوله : خالق كل شيء الذي هو مطلع ما بعده مساق التعليل دليلا على ذلك ، [ ص: 219 ] فلما أقام الدليل سبب عنه الأمر بالعبادة ، فقال : فاعبدوه أي : وحده ؛ لأن من أشرك به لم يعبده ؛ لأنه الغنى المطلق ، ومن كان له الغنى المطلق لا يحسن أن يقبل مشركا ، وختم الآية بقوله : وهو ولما كان المقام لنفي احتياجه إلى شيء ، قدم قوله : على كل شيء وكيل إشارة إلى أن الولد أو الشريك إنما يحتاجه العاجز المفتقر ، وأما هو فهو القادر ، ومن سواه عاجز ، وهو الغني ومن سواه فقير ، فكيف يحتاج القدير [الغني] إلى العاجز الفقير ، هذا ما لا يكون ، ولا ينبغي أن يتخيله الظنون ، وفيه إشارة إلى أن العابد ينبغي أن يتفرغ لعبادته ويقطع أموره عن غير وكالته ، فإنه يكفيه بفضله عمن سواه .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية