ولما أبهم الفاحشة ليحصل التشوف إلى معرفتها ، عينها في استفهام آخر كالأول في إنكاره وتوبيخه ليكون أدل على تناهي الزجر عنها ، فقال : إنكم لتأتون الرجال   أي : تغشونهم غشيان النساء. ولما أبقى للتشوف مجالا ، عين بقوله : شهوة  أي : مشتهين ، أو لأجل الشهوة ، لا حامل لكم على ذلك إلا الشهوة كالبهائم التي لا داعي لها من جهة العقل وصرح بقوله : من دون النساء  فلما لم يدع لبسا ، وكان هذا ربما أوهم إقامة عذر لهم في عدم وجدان النساء أو عدم كفايتهن لهم - أضرب عنه بقوله : بل أنتم قوم  
ولما كان مقصود هذه السورة الإنذار كان الأليق به الإسراف الذي هو غاية الجهل المذكور في سورة النمل ، فقال : مسرفون  أي : لم يحملكم على ذلك ضرورة لشهوة تدعونها ، بل اعتياد المجاوزة للحدود ، ولم يسم قوم لوط  في سورة من السور كما سميت عاد  وثمود  وغيرهم صونا للكلام عن تسميتهم ، وأما قوم نوح  فإنما لم يسموا لعدم تفرق القبائل إذ ذاك ، فكانوا لذلك جميع أهل الأرض ولذا عمهم الغرق - والله أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					