قوله ( وإصابة الجهة لمن بعد عنها    ) ، وهذا المذهب نص عليه ، وعليه جمهور الأصحاب . وهو المعمول به في المذهب قال في الفروع : على هذا كلام  أحمد  والأصحاب وصححه في الحاويين فعليها يعفى عن الانحراف قليلا قال  المجد  في شرحه وغيره : فعليها لا يضر التيامن والتياسر ما لم يخرج عنها .  وعنه  فرضه الاجتهاد إلى عينها والحالة هذه قدمه في الهداية ، والخلاصة ، والرعايتين ، والحاويين قال  أبو المعالي    : هذا هو المشهور فعليها يضر التيامن والتياسر عن الجهة التي اجتهد إليها ، وقال في الرعاية على هذه الرواية : إن رفع وجهه نحو السماء ، فخرج به عن القبلة    : منع قال أبو الحسين ابن عبدوس  في كتاب المهذب : إن فائدة الخلاف في أن الفرض في استقبال القبلة : هل هو العين أو الجهة ؟ إن قلنا : العين ، فمتى رفع رأسه ووجهه إلى السماء حتى خرج وجهه عن مسامتة القبلة فسدت صلاته قال ابن رجب  في الطبقات : كذا قال ، وفيه نظر . انتهى . 
ونقل منها وغيره : إذا تجشأ وهو في الصلاة  ، ينبغي أن يرفع وجهه إلى فوق لئلا يؤذي من حوله بالرائحة ، وقال ابن الجوزي  في المذهب : يستدير الصف الطويل ، وقال  ابن الزاغوني  في فتاويه : في استدارة الصف الطويل روايتان إحداهما : لا يستدير لخفائه وعسر اعتباره . الثانية : ينحرف طرف الصف يسيرا ، يجمع به توجه الكل إلى العين .  [ ص: 10 ] فائدة : البعد هنا : هو بحيث لا يقدر على المعاينة ، ولا على من يخبره عن علم ، قاله غير واحد من الأصحاب . وليس المراد بالبعد مسافة القصر ، ولا بالقرب دونها قال في الفروع : ولم أجدهم ذكروا هنا ذلك . قوله ( فإن أمكنه ذلك بخبر ثقة عن يقين ، أو استدلال بمحاريب المسلمين    : لزمه العمل به ) الصحيح من المذهب : أنه يشترط في المخبر : أن يكون عدلا ظاهرا وباطنا ، وأن يكون بالغا جزم به في شرحه ، وهو ظاهر كلام الشارح  وغيره وقدمه في الفروع ، والرعاية الكبرى ، وصححه ، وقيل : ويكفي مستور الحال أيضا صححه ابن تميم  وجزم به في الرعاية الصغرى ، والحاويين ، وقيل : يكفي أيضا خبر المميز ، وأطلقهما ابن تميم  فيه . 
تنبيه : ظاهر كلام  المصنف    : أنه لا يقبل خبر الفاسق في القبلة  ، وهو صحيح ، لكن قال ابن تميم    : يصح التوجه إلى قبلته في بيته ، ذكره في الإشارات وقال في الرعاية الكبرى : قلت    : وإن كان هو عملها فهو كإخباره بها . 
قوله ( عن يقين ) الصحيح من المذهب أنه لا يلزمه العمل بقوله إلا إذا أخبره عن يقين ، فلو أخبره عن اجتهاد ، لم يجز تقليده ، وعليه الجمهور قال في الفروع : لم يجز تقليده في الأصح قال ابن تميم    : لم يقلده ، واجتهد في الأظهر ، وهو ظاهر ما جزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الرعاية وغيرها ، وقيل : يجوز تقليده ، وقيل : يجوز تقليده إن ضاق الوقت وإلا فلا ، وذكره  [ ص: 11 ]  القاضي  ظاهر كلام  الإمام أحمد  ، واختاره جماعة من الأصحاب ، منهم الشيخ تقي الدين  ، ذكره في الفائق ، وقيل : يجوز تقليده إن ضاق الوقت ، أو كان أعلم منه ، وقال  أبو الخطاب  في آخر التمهيد : يصليها حسب حاله ثم يعيد إذا قدر فلا ضرورة إلى التقليد كمن عدم الماء والتراب  يصلي ويعيد . قوله ( لزمه العمل به ) الصحيح من المذهب : أنه يلزمه العمل بقول الثقة إذا كان عن يقين ، وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم ، وقال في التلخيص : ليس للعالم تقليده قال ابن تميم    : وهو بعيد وقيل : لا يلزمه تقليده مطلقا . قوله ( أو استدلال بمحاريب المسلمين : لزمه العمل به ) الصحيح من المذهب : أنه يلزمه العمل بمحاريب المسلمين . فيستدل بها على القبلة ، وسواء كانوا عدولا أو فساقا ، وعليه الأصحاب ،  وعنه  يجتهد إلا إذا كان بمدينة النبي صلى الله عليه وسلم  ،  وعنه  يجتهد ولو بالمدينة  ، على ساكنها أفضل الصلاة والسلام ، ذكرها  ابن الزاغوني  في الإقناع والوجيز . قلت    : وهما ضعيفان جدا وقطع الزركشي  بعدم الاجتهاد في مكة  والمدينة  ، وحكي الخلاف في غيرهما . 
تنبيه : مفهوم قوله " أو استدلال بمحاريب المسلمين " أنه لا يجوز الاستدلال بغير محاريب المسلمين ، وهو صحيح ، وهو المذهب ، وعليه الجمهور وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع ، والرعاية وقال  المصنف  وتبعه الشارح  لا يجوز الاستدلال بمحاريب الكفار  إلا أن يعلم قبلتهم ، كالنصارى    . وجزم به ابن تميم  ، وقال  أبو المعالي    : لا يجتهد في محراب لم يعرف بمطعن بقرية مطروقة قال : وأصح الوجهين : ولا ينحرف ; لأن دوام التوجه إليه كالقطع ، كالحرمين . 
				
						
						
