قوله ( وما أدرك مع الإمام فهو آخر صلاته ، وما يقضيه أولها ) هذا المذهب بلا ريب ، وعليه الأصحاب وجزم به في الهداية ، والمحرر ، والوجيز ، وغيرهم وقدمه في الفروع ، والرعايتين ، والحاويين ، وابن تميم  ، والفائق ، وغيرهم ، وعنه ما أدرك مع الإمام فهو أول صلاته ، وما يقضيه آخرها    . 
تنبيه : لهذا الخلاف فوائد كثيرة ، ذكرها ابن رجب  في قواعده وغيره فمنها محل الاستفتاح  فعلى المذهب : يستفتح فيما يقضيه ، وعلى الثانية : فيما أدركه ، وهذا الصحيح من المذهب ، وقال  القاضي  في شرح المذهب : لا يشرع الاستفتاح على كلا الروايتين لفوت محله ، ومنها : التعوذ  إذا قلنا : هو مخصوص بأول ركعة فعلى المذهب : يتعوذ فيما يقضيه ، وعلى الثانية فيما أدركه . 
قلت    : الصواب هنا : أن يتعوذ فيما أدركه على الروايتين ، ولم أر أحدا من الأصحاب قاله ، وأما على القول بمشروعيته في كل ركعة : فتلغو هذه الفائدة ، ومنها : صفة القراءة في الجهر والإخفات  فإذا فاتته ركعتان من المغرب والعشاء جهر في قضائهما من غير كراهة نص عليه في رواية  الأثرم  ، وإن أم فيهما وقلنا : بجوازه سن له الجهر بناء على المذهب ، وعلى الثانية : لا جهر هنا ، وتقدمت المسألة في صفة الصلاة ، عند قوله ويجهر الإمام بالقراءة بأتم من هذا .  [ ص: 226 ] ومنها : مقدار القراءة  ، وللأصحاب فيه طريقان أحدهما : إن أدرك ركعتين من الرباعية  ، فإنه يقرأ في المقضيتين بالحمد وسورة معها ، على كلا الروايتين قال ابن أبي موسى    : لا يختلف قوله في ذلك . 
وذكر  الخلال    : أن قوله استقر عليه قال  المصنف  في المغني : هو قول الأئمة الأربعة لا نعلم عنهم فيه خلافا ، وذكره  الآجري  عن  أحمد  ، الثاني : يبني قراءته على الخلاف في أصل المسألة ، ذكره ابن هبيرة  ، وفاقا للأئمة الأربعة ، وقاله الآجري   ، وهي طريقة  القاضي  ومن بعده قال في الفروع : وجزم به جماعة ، وذكره ابن أبي موسى  قال العلامة ابن رجب  في فوائده : وقد نص عليه  الإمام أحمد  في رواية  الأثرم  وأومأ إليه في رواية حرب  وغيره . واختاره  المجد  ، وأنكر الطريقة الأولى ، وقال : لا يتوجه إلا على رأي من رأى قراءة السورة في كل ركعة ، أو على رأي من رأى قراءة السورة في الأخريين إذا نسيها في الأوليين ، وقال : أصول الأئمة تقتضي الطريقة الثانية . 
صرح به جماعة قال ابن رجب  ، قلت    : وقد أشار  الإمام أحمد  إلى مأخذ ثالث ، وهو الاحتياط للتردد فيهما ، وقراءة السورة  سنة مؤكدة فيحتاط لها أكثر من الاستفتاح والتعوذ . انتهى . ومنها : لو أدرك من الرباعية ركعة فعلى المذهب : يقرأ في الأوليين بالحمد وسورة ، وفي الثالثة : بالحمد فقط ، ونقل عنه  الميموني    : يحتاط ويقرأ في الثلاثة بالحمد وسورة قال  الخلال    : رجع عنها  أحمد  ، ومنها : قنوت الوتر إذا أدركه المسبوق مع من يصليه بسلام واحد  فإنه يقع في محله ، ولا يعيد على المذهب ، وعلى الثانية : يعيده في آخر ركعة يقضيها ، ومنها : تكبيرات العيد الزوائد . إذا أدرك المسبوق الركعة الثانية  فعلى المذهب : يكبر في المقضية سبعا ، وعلى الثانية : خمسا ، ومنها : إذا سبق ببعض تكبيرات صلاة الجنازة    .  [ ص: 227 ] فعلى المذهب : يتابع الإمام في الذكر الذي هو فيه ، ثم يقرأ في أول تكبيرة يقضيها ، وعلى الثانية : لا يتابع الإمام ، بل يقرأ الفاتحة خلف الإمام ، ومنها : محل التشهد الأول في حق من أدرك من المغرب ، أو من رباعية : ركعة  فالصحيح من المذهب : أنه يتشهد عقيب ركعة على كلا الروايتين ، وعليه الجمهور منهم  الخلال  ، وأبو بكر  ،  والقاضي  قال  الخلال    : استقرت الروايات عليها وقدمه في الفروع ، والمحرر ، وقال : في الأصح عنه ، وعنه يتشهد عقيب ركعة في المغرب فقط ، وعنه يتشهد عقيب ركعتين في الكل . 
نقلها حرب  وقدمه في الرعاية الكبرى وأطلقهما ابن تميم  والشارح  ، وقال  المصنف  والشارح    : الكل جائز ، ورده ابن رجب  ، واختلف في بناء هاتين الروايتين فقيل : هما مبنيتان على الروايتين في أصل المسألة إن قلنا : ما يقضيه أول صلاته ، لم يجلس إلا عقب ركعتين وإن قلنا : ما يقضيه آخرها تشهد عقيب ركعة ، وهي طريقة  ابن عقيل  في الفصول ، وأومأ إليه في رواية حرب  ، وقيل : هما مبنيتان على القول بأن ما يدركه آخر صلاته ، وهي طريقة  المجد  ونص على ذلك صريحا في رواية عبد الله   والبرقاني  ، ومنها : تطويل الركعة الأولى  على الرواية الثانية ، وترتيب السورتين في الركعتين  ، ذكره ابن رجب  تخريجا له ، وقال أيضا : فأما رفع اليدين إذا قام من التشهد الأول  إذا قلنا : باستحبابه فيحتمل أن يرفع إذا قام إلى الركعة المحكوم بأنها ثالثة ، سواء قام عن تشهد أو غيره ، ويحتمل أن يرفع إذا قام من تشهده الأول المعتد به ، سواء كان عقيب الثانية أو لم يكن قال : وهو أظهر . انتهى . ومنها : التورك مع إمامه  والصحيح من المذهب : أنه يتورك مع إمامه ، على الرواية الأولى كما يتورك إذا قضى قال في الفروع : وعلى الأولى يتورك مع إمامه كما يقضيه في الأصح ، وعنه يفترش ، وعنه يخير ، وهو وجه في الرعاية .  [ ص: 228 ] 
فائدة : قال في الفروع : ومقتضى قوله " إنه هل يتورك مع إمامه أو يفترش ؟ " أن هذا القعود هل هو ركن في حقه ؟ على الخلاف ، وقال  القاضي  في التعليق : القعود الفرض ما يفعله آخر صلاته ، ويعقبه السلام ، وهذا معدوم هنا فجرى مجرى التشهد الأول ، على أن القعود هل هو ركن في حقه بعد سجدتي السهو من آخر صلاته وليس بفرض ؟ كذا هنا ، وقال  المجد    : لا يحتسب له بتشهد الإمام الأخير إجماعا ، لا من أول صلاته ولا من آخرها ، ويأتي فيه بالتشهد الأول فقط ، لوقوعه وسطا ، ويكرره حتى يسلم إمامه ، وقال في الرعاية الكبرى : وعنه من سبق بركعتين لا يتورك إلا في الآخر وحده ، وقيل : في الزائدة على ركعتين يتورك إذا قضى ما سبق به ، وقيل : هل يوافق إمامه في توركه ، أم يخير بينهما ؟ فيه روايتان . انتهى . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					