الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( حلف لا يقتل فلانا بالكوفة فضربه بالسواد ومات بها حنث ) كحلفه لا يقتله يوم الجمعة فجرحه يوم الخميس ومات يوم الجمعة حنث ( وبعكسه ) أي ضربه بكوفة وموته بالسواد ( لا ) يحنث لأن المعتبر زمان الموت ومكانه بشرط كون الضرب والجرح بعد اليمين ظهيرية وفيها إن لم تأتني حتى أضربك فهو على الإتيان ضربه أو لا .

إن رأيته لأضربنه فعلى التراخي ما لم ينو الفور .

إن رأيتك فلم أضربك فرآه الحالف وهو مريض لا يقدر على الضرب حنث .

إن لقيتك فلم أضربك فرآه من قدر ميل لم يحنث بحر .

( الشهر وما فوقه ) ولو إلى الموت ( بعيد وما دونه قريب ) فيعتبر ذلك في ليقضين دينه أو لا يكلمه إلى بعيد أو إلى قريب ( و ) لفظ ( العاجل والسريع كالقريب والآجل كالبعيد ) وهذا بلا نية ( وإن نوى ) بقريب وبعيد ( مدة ) معينة ( فيهما فعلى ما نوى ) ويدين فيما فيه تخفيف عليه بحر .

التالي السابق


( قوله فضربه بالسواد ) أي بالقرى في المصباح العرب تسمي الأخضر أسود لأنه يرى كذلك على بعد ، ومنه سواد العراق لخضرة أشجاره وزرعه ( قوله زمان الموت ومكانه ) نشر مشوش وإنما اعتبر ذلك لأن القتل هو إزهاق الروح فيعتبر الزمان والمكان الذي حصل فيه ذلك ط ( قوله بشرط كون إلخ ) فإن كان قبل اليمين فلا حنث أصلا لأن اليمين تقتضي شرطا في المستقبل لا في الماضي بحر عن الظهيرية ( قوله إن لم تأتني إلخ ) قدم هذا الفرع قبيل الباب الذي قبل هذا ، ومحل ذكره هنا وقدمنا وجهه أن حتى فيه للتعليل والسببية لا للغاية ولا للعطف وذكرنا تفاريع ذلك هناك ( قوله فعلى التراخي ) أي إلى آخر جزء من أجزاء حياته أو حياة المحلوف عليه ، فإن لم يضربه حتى مات أحدهما حنث ( قوله لم يحنث ) لأن اللقي الذي رتب عليه الضرب لا يكون إلا في مكان يمكن فيه الضرب ، ولذا قالوا لو لقيه على سطح لا يحنث أيضا .

قلت : وهذا لو كانت يمينه على الضرب باليد فلو بسهم أو حجر اعتبر ما يمكن تأمل ( قوله فيعتبر ذلك إلخ ) أي إذا حلف ليقضين دينه إلى بعيد فقضى بعد شهر أو أكثر بر في يمينه لا لو قضاه قبل شهر وفي إلى قريب بالعكس ( قوله فعلى ما نوى ) حتى لو نوى بالقريب سنة أو أكثر صحت نيته وكذا إلى آخر الدنيا لأنها قريبة بالنسبة إلى الآخرة فتح ( قوله ويدين فيما فيه تخفيف عليه ) هذا ذكره في البحر بحثا وكذا في النهر ويأتي ما يؤيده .




الخدمات العلمية