الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2342 47 - حدثنا آدم بن أبي إياس ، قال : حدثنا شعبة ، قال : حدثنا عدي بن ثابت ، قال : سمعت عبد الله بن يزيد الأنصاري وهو جده أبو أمه ، قال : نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النهبى ، والمثلة .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة ; لأن معنى الترجمة باب النهبى بغير إذن صاحبه لا يجوز ; لأن نهب مال الغير حرام . قوله : " عبد الله بن يزيد " بالياء في أوله من الزيادة ، وهو هكذا في رواية الأكثرين ، ووقع في رواية الكشميهني وحده عبد الله بن زيد بدون الياء في أوله ، وهو غير صحيح . قوله : " وهو " ، يعني عبد الله بن يزيد . قوله : " جده " ، يعني جد عدي بن ثابت لأمه ، واسم أمه فاطمة ، وتكنى أم عدي ، وعبد الله بن يزيد بن حصين بن عمرو بن الحارث بن خطمة ، واسمه عبد الله بن جشم بن مالك بن الأوس الأنصاري ، أبو موسى الخطمي مضى ذكره في الاستسقاء ، وليس له عن النبي صلى الله عليه وسلم في البخاري غير هذا الحديث ، وله فيه عن الصحابة غير هذا ، وقد اختلف في سماعه من النبي صلى الله عليه وسلم ; لأن مصعب بن الزبير قال : ليس له صحبة . وقال أبو داود : له رؤية ، وقال أبو حاتم : روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان صغيرا على عهده ، فإن صحت روايته فذاك ، وهذا الحديث من أفراد البخاري . قوله : " والمثلة " ، بضم الميم ، وسكون الثاء المثلثة ، ويجوز فتح الميم ، وضم الثاء ، ويجمع على مثلات ، وهي العقوبة في الأعضاء كجدع الأنف والأذن ، وفقء العين ونحوها ، وقال ابن بطال : الانتهاب المحرم هو ما كانت العرب عليه من الغارات ، وعليه وقعت البيعة في حديث عبادة ، وقال ابن المنذر : النهبة المحرمة أن ينهب مال الرجل بغير إذنه وهو له كاره ، وأما المكروه فهو ما أذن صاحبه للجماعة ، وأباحه لهم ، وغرضه تساويهم فيه ، أو تقاربهم ، فيغلب القوي على الضعيف . وقال الخطابي : معلوم أن أموال المسلمين محرمة ، فيؤول هذا في الجماعة يغزون ، فإذا غنموا انتهبوا ، وأخذ كل واحد ما وقع بيده مستأثرا به من غير قسمة ، وقد يكون ذلك في الشيء تشاع الهبة فيه ، فينتهبون على قدر قوتهم ، وكذلك الطعام يقدم إليهم ، فلكل واحد أن يأكل مما يليه بالمعروف ، ولا ينتهب ، ولا يستلب من عند غيره ، وكذلك كره من كره أخذ النثار في عقود الأملاك ، ونحوه . وقال الحسن ، والنخعي ، وقتادة : معنى الحديث : النهبة المحرمة ، وهي أن ينتهب مال الرجل بغير إذنه .

                                                                                                                                                                                  واختلف العلماء فيما ينثر على رءوس الصبيان ، وفي الأعراس فتكون فيه النهبة ، فكرهه مالك ، والشافعي ، وأجازه الكوفيون ، وإنما كره ; لأنه قد يأخذ منه من لا يحب صاحب الشيء أخذه ، ويحب أخذ غيره ، وما حكي عن الحسن بأنه كان لا يرى بأسا بالنهب في العرسات ، والولائم ، وكذلك الشعبي فيما رواه ابن أبي شيبة عنه فليس من النهبة المحرمة ، وكذا حديث عبد الله بن قرط ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في البدن التي نحرها : من شاء اقتطع . قال الشافعي : صار ملكا للفقراء ; لأنه خلى بينه وبينهم ، فإن قلت : روي عن عون بن عمارة ، وعصمة بن سليمان ، عن لمازة بن المغيرة ، عن ثور بن يزيد ، عن خالد بن معدان ، عن معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في أملاك فجاءت الجواري معهن الأطباق عليها اللوز والسكر ، فأمسك القوم أيديهم ، فقال : ألا تنتهبون ؟ قالوا : إنك كنت نهيتنا عن النهبة ؟ قال : تلك نهبة العساكر ، فأما العرسات فلا . قال : فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاذبهم ويجاذبونه . ( قلت ) : قال البيهقي : عون وعصمة لا يحتج بحديثهما ، ولمازة مجهول ، وابن معدان عن معاذ منقطع . ( قلت ) : خالد بن معدان روى عن جماعة من الصحابة ، ولكنه لم يسمع من معاذ بن جبل ، وقال الشافعي : فإن أخذ آخذ لا تجرح شهادته ; لأن كثيرا يزعم أن هذا مباح ; لأن مالكه إنما طرحه لمن يأخذه ، وأما أنا فأكرهه لمن أخذه ، وكان أبو مسعود الأنصاري يكرهه ، وكذلك إبراهيم ، وعطاء ، وعكرمة ، ومالك . وذكر ابن قدامة أنه يجب القطع على المنتهب قبل القسمة ، وحكي عن داود أنه يرى القطع على من أخذ مال الغير ، سواء أخذه من حرز أو من غير حرز .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية