الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي هذا باب في بيان ما جاء في أمر العتق ، وفي بيان فضله ، قوله : " وقول الله عز وجل " بالجر عطفا على قوله : " في العتق " ، قوله : " فك رقبة " أولها ، قوله : فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة فك رقبة الضمير في " فلا اقتحم " يرجع إلى الإنسان في قوله : لقد خلقنا الإنسان المراد منه الوليد بن المغيرة فإنه كان يقول : أهلكت مالا كثيرا في عداوة محمد صلى الله عليه وسلم ، فقال الله عز وجل : " أيحسب " أي أيظن هذا " أن لم يره " أي أن لم ير ما أنفقه " أحد " من الناس ، ثم ذكر الله النعم ليعتبر فقال : ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين وهديناه النجدين أي سبيل الخير والشر قاله أكثر المفسرين ، وقيل : الحق والباطل ، وقيل : الهدى والضلالة ، وقيل : الشقاوة والسعادة ، والنجد المرتفع من الأرض ، ثم قال : " فلا اقتحم العقبة " أي فلا دخل هذا الإنسان العقبة ، والاقتحام الدخول في الأمر الشديد ، والعقبة جبل في جهنم ، وقيل : هي عقبة دون الحشر ، وقيل : سبعون دركة من جهنم ، وقيل : الصراط ، وقيل : نار دون الحشر ، وقال الحسن : عقبة والله شديدة ، قوله : " وما أدراك ما العقبة " أي ما اقتحام العقبة ؟ قال سفيان بن عيينة : كل شيء قال : وما أدراك ، فإنه أخبره به ، وما قال : وما يدريك ؟ فإنه لم يخبره به ، قوله : " فك رقبة " قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، والكسائي : " فك " بفتح الكاف ، وأطعم بفتح الميم على الفعل والباقون بالإضافة على الاسم لأنه تفسير قوله : " وما [ ص: 77 ] أدراك " معناه خلص رقبته من الأسر على قراءة ابن كثير ، وعلى قراءة غيره خلاص الرقبة أي الفك هو خلاص الرقبة ، وإنما ذكر لفظ الرقبة دون سائر الأعضاء مع أن العتق يتناول الجميع لأن حكم السيد عليه كحبل في رقبة العبد ، وكالغل المانع له من الخروج ، فإذا أعتق فكأنه أطلقت رقبته من ذلك ، قوله : " أو إطعام في يوم " والمراد من اليوم هنا مطلق الزمان ليلا كان أو نهارا ، قوله : " ذي مسغبة " أي مجاعة ، يقال : سغب يسغب سغوبا إذا جاع ، قوله : " يتيما " منصوب بقوله : " أطعم " أو بـ " إطعام " والمصدر أيضا يعمل عمل فعله ، قوله : " ذا مقربة " صفة لـ " يتيما " أي ذا قرابة ، يقال : زيد ذو قرابتي ، أو ذو مقربتي ، وزيد قرابتي قبيح لأن القرابة مصدر ، قوله : " أو مسكينا " عطف على " يتيما " و" ذا متربة " صفته أي ذا فقر قد لصق بالتراب من الفقر ، وقيل : المتربة من التربة هنا وهي شدة الحال .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية