الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2457 31 - حدثنا عبد الله بن محمد قال : حدثنا سفيان ، عن الزهري ، عن عروة بن الزبير ، عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال : استعمل النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلا من الأزد يقال له ابن الأتبية على الصدقة ، فلما قدم قال : هذا لكم ، وهذا أهدي لي ! قال : فهلا جلس في بيت أبيه أو بيت أمه فينظر أيهدى له أم لا ! والذي نفسي بيده لا يأخذ أحد منه شيئا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على رقبته ; إن كان بعيرا له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تيعر ، ثم رفع بيده حتى رأينا عفرة إبطيه : اللهم هل بلغت ؟ اللهم هل بلغت ؟ ثلاثا .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة تؤخذ من معنى الحديث ; لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنكر على عامله المذكور على أخذه الهدية لأنها هدية تهدى لأجل علة وهو ظاهر ، وعبد الله بن محمد بن عبد الله أبو جعفر الجعفي البخاري المعروف بالمسندي ، وسفيان هو ابن عيينة ، وأبو حميد - بضم الحاء المهملة - اسمه عبد الرحمن - وقيل المنذر ، وقيل غير ذلك - الساعدي الأنصاري .

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه البخاري في أواخر كتاب الزكاة في باب قول الله تعالى : والعاملين عليها وأخرجه أيضا في الأحكام عن علي بن عبد الله عن سفيان بن عيينة ، وفي النذور عن أبي اليمان ، وفي ترك الحيل عن عبيد بن إسماعيل . وأخرجه مسلم في المغازي عن أبي بكر بن أبي شيبة وعن جماعة غيره ، وأخرجه أبو داود في الجراح عن أبي الطاهر بن السرح ومحمد بن أحمد بن أبي خلف عن سفيان .

                                                                                                                                                                                  قوله ( من الأزد ) بفتح الهمزة وسكون الزاي وفي آخره دال مهملة ، هو الأزد بن الغوث بن نبت بن ملكان بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان ، يقال له الأزد بالزاي والأسد بالسين ، وذكر في كتاب الزكاة بالسين .

                                                                                                                                                                                  قوله ( ابن الأتبية ) بضم الهمزة وسكون التاء المثناة من فوق وكسر الباء الموحدة وفتح الياء آخر الحروف المشددة ، ويقال اللتبية بضم اللام وسكون التاء وفتحها وكسر الباء الموحدة ، وفيه أربعة أقوال ، وقد ذكرناه في كتاب الزكاة . قال الكرماني : والأصح أنه باللام وسكون الفوقانية وأنها نسبة إلى بني لتب قبيلة معروفة . قلت : قال الرشاطي : قيده شيخنا أبو علي الغساني بضم اللام وإسكان التاء . وقال أبو بكر بن دريد : بنو لتب بطن من العرب منهم ابن اللتبية رجل من الأزد له صحبة ، واللتب الاشتداد وهو اللصوق أيضا .

                                                                                                                                                                                  قوله ( منه ) ; أي من مال الصدقة .

                                                                                                                                                                                  قوله ( يحمله ) جملة حالية .

                                                                                                                                                                                  قوله ( إن كان بعيرا ) جواب الشرط محذوف تقديره : يحمله على رقبته .

                                                                                                                                                                                  قوله ( له رغاء ) جملة وقعت صفة لبعير ، والرغاء - بضم الراء - [ ص: 156 ] صوت ذوات الخف ، يقال رغا يرغو رغاء وأرغيته أنا .

                                                                                                                                                                                  قوله ( لها خوار ) جملة وقعت صفة لبقرة ، والخوار - بضم الخاء المعجمة - صوت البقر ، يقال خار الثور يخور خوارا ، وقال ابن التين : هو بالخاء والجيم . وفي المطالع : المعنى واحد ، إلا أنه بالخاء يستعمل في الظباء والشاة ، وبالجيم للبقر والناس .

                                                                                                                                                                                  قوله ( تيعر ) صفة لشاة ، يقال يعرت العنز تيعر - بالكسر - يعار - بالضم - أي صاحت ، قال ابن الأثير : وأكثر ما يقال لصوت المعز . وقال الجوهري : تيعر بالكسر . وقال غيره بفتحها أيضا .

                                                                                                                                                                                  قوله ( عفرة إبطيه ) بضم العين المهملة وسكون الفاء ، وهي البياض الذي فيه شيء كلون الأرض ، وشاة عفراء يعلو بياضها حمرة ، وقيل هي بياض ليس بناصع ، ويقال هي بضم المهملة وفتحها والفاء ساكنة وبفتحها .

                                                                                                                                                                                  قوله ( هل بلغت ) ; أي قد بلغت ، أو هو استفهام تقريري ، والتكرير للتأكيد ليسمع من لا يسمع وليبلغ الشاهد الغائب .

                                                                                                                                                                                  وفي الحديث أن هدايا العمال يجب أن تجعل في بيت المال وأنه ليس لهم منها شيء إلا أن يستأذنوا الإمام في ذلك كما جاء في قصة معاذ رضي الله تعالى عنه أنه صلى الله عليه وسلم - طيب له الهدية فأنفذها له أبو بكر رضي الله تعالى عنه بعد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ، وفيه كراهية قبول هدية طالب العناية ويدخل في معنى ذلك كراهة هدية المديان والمقارض وكل من هديته بسبب علة .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية