الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2386 6 - حدثنا عبد الله بن يوسف قال : أخبرنا مالك ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من أعتق شركا له في عبد فكان له مال يبلغ ثمن العبد قوم العبد قيمة عدل ، فأعطى شركاءه حصصهم ، وعتق عليه ، وإلا فقد عتق منه ما عتق .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  هذا طريق آخر في حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما ، وأخرجه مسلم أيضا في العتق ، عن يحيى بن يحيى ، وأخرجه أبو داود فيه عن القعنبي ، وأخرجه النسائي فيه عن عثمان بن عمر ، الكل عن مالك ، عن نافع .

                                                                                                                                                                                  قوله : " شركا " بكسر الشين أي نصيبا ، قوله : " فكان له مال يبلغ " هذا هكذا في رواية الكشميهني ، وفي رواية غيره " كان له ما يبلغ أي شيء يبلغ " ، وإنما قيد بقوله : " يبلغ " لأنه إذا كان له مال لا يبلغ ثمن العبد لا يقوم عليه مطلقا ، لكن الأصح عند الشافعية أنه يسري إلى القدر الذي هو موسر به تنفيذا للعتق بحسب الإمكان ، وبه قال مالك ، قوله : " ثمن العبد " أي ثمن بقية العبد لأنه موسر بحصته ، وقد أوضح ذلك النسائي في روايته من طريق زيد بن أبي أنيسة ، عن عبيد الله بن عمر ، وعمر بن نافع ، ومحمد بن عجلان ، عن نافع ، عن ابن عمر بلفظ : " وله مال يبلغ قيمة أنصباء شركائه فإنه يضمن لشركائه أنصباءهم ويعتق العبد " ، والمراد بالثمن هنا القيمة لأن الثمن ما اشتريت به العين ، واللازم هنا القيمة لا الثمن ، قوله : " قوم " على صيغة المجهول ، قوله : " قيمة عدل " وهو أن لا يزاد من قيمته ولا ينقص ، قوله : " فأعطى شركاءه " كذا هو في رواية الأكثرين " إن أعطى " على بناء الفاعل ، و" شركاءه " بالنصب على المفعولية ، وروي " فأعطي " على صيغة المجهول ، و" شركاؤه " بالرفع على أنه مفعول ناب عن الفاعل ، قوله : " حصصهم " أي قيمة حصصهم ، قوله : " وإلا " أي وإن لم يكن موسرا فقد عتق منه حصته ، وهي ما عتق ، وبهذا الحديث احتج ابن أبي ليلى ، ومالك ، والثوري ، والشافعي ، وأبو يوسف ، ومحمد في أن وجوب الضمان على الموسر خاصة دون المعسر يدل عليه قوله : " وإلا فقد عتق منه ما عتق " ، وقال زفر : يضمن قيمة نصيب شريكه موسرا كان أو معسرا ، ويخرج العبد كله حرا لأنه جنى على مال رجل فيجب عليه ضمان ما أتلف بجنايته ، ولا يفترق الحكم فيه سواء كان موسرا أو معسرا ، والحديث حجة عليه .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية