الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2539 48 - حدثنا يحيى بن بكير قال : حدثنا الليث ، عن يونس ، عن ابن شهاب ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : يا معشر المسلمين كيف تسألون أهل الكتاب وكتابكم الذي أنزل على نبيه - صلى الله عليه وسلم - أحدث الأخبار بالله ، تقرءونه لم يشب ، وقد حدثكم الله أن أهل الكتاب بدلوا ما كتب الله وغيروا بأيديهم الكتاب فقالوا هو من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا ، أفلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مساءلتهم ، ولا والله ما رأينا منهم رجلا قط يسألكم عن الذي أنزل عليكم .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة من حيث إن فيه الرد عن مساءلة أهل الكتاب لأن أخبارهم لا تقبل لكونهم بدلوا الكتاب بأيديهم ، فإذا لم يقبل أخبارهم لا تقبل شهادتهم بالطريق الأولى ، لأن باب الشهادة أضيق من باب الرواية .

                                                                                                                                                                                  ورجاله قد ذكروا غير مرة .

                                                                                                                                                                                  والأثر أخرجه البخاري أيضا في الاعتصام عن موسى بن إسماعيل ، وفي التوحيد عن أبي اليمان عن شعيب .

                                                                                                                                                                                  قوله : ( كيف تسألون أهل الكتاب ) إنكار من ابن عباس عن سؤالهم من أهل الكتاب ، قوله : ( وكتابكم ) أي القرآن وارتفاعه على أنه مبتدأ ، وقوله : ( الذي أنزل على نبيه ) صفته ، وقوله : ( أحدث الأخبار ) خبره ، قوله : ( على نبيه ) أي محمد - صلى الله تعالى عليه وسلم - قوله : ( الإخبار ) بكسر الهمزة بمعنى المصدر وبفتحها بمعنى الجمع ومعناه أنه أقرب الكتب نزولا إليكم من عند الله ، فالحديث بالنسبة إلى المنزول إليهم ، وهو في نفسه قديم على ما عرف في موضعه ، قوله : ( لم يشب ) على صيغة المجهول من الشوب وهو الخلط أي لم يخلط ولم يبدل ولم يغير ، وفي ( مسند أحمد ) رحمه الله من حديث جابر مرفوعا : " لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا " الحديث ، قوله : ( بدلوا ) من التبديل ، قال الله تعالى في حق اليهود : فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا قوله : ( ولا والله ) كلمة لا زائدة إما تأكيد لنفي ما قبله أو ما بعده ، يعني هم لا يسألونكم فأنتم بالطريق الأولى أن لا تسألوهم ، واحتج بهذا الحديث المانعون عن شهادتهم أصلا .

                                                                                                                                                                                  وفيه أن أهل الكتاب بدلوا وغيروا كما أخبر الله تعالى عنهم في القرآن الكريم ، وسأل محمد بن الوضاح بعض علماء النصارى فقال : ما بال كتابكم معشر المسلمين لا زيادة فيه ولا نقصان وكتابنا بخلاف ذلك ؟ فقال : لأن الله تعالى وكل حفظ كتابكم إليكم فقال استحفظوا من كتاب الله ، فلما وكله إلى مخلوق دخله الخرم والنقصان ، وقال في كتابنا : إنا نحن نـزلنا الذكر وإنا له لحافظون فتولى الله حفظه فلا سبيل إلى الزيادة فيه ولا النقصان منه .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية