الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2560 16 - حدثنا إسحاق قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن همام ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " كل سلامى من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس يعدل بين اثنين صدقة "

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله : " يعدل بين اثنين صدقة " ، وفيه الإصلاح أيضا على ما لا يخفى ، وعطف العدل على الإصلاح من عطف العام على الخاص ، وإسحاق هو ابن منصور ، وهكذا وقع في رواية أبي ذر ، ووقع في جميع الروايات غير روايته غير منسوب ، ومعمر بفتح الميمين ابن راشد ، وهمام بالتشديد ابن منبه .

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه البخاري أيضا في الجهاد عن إسحاق بن نصر ، وفي موضع آخر منه عن إسحاق ، وأخرجه مسلم في الزكاة عن محمد بن رافع .

                                                                                                                                                                                  قوله : ( كل سلامى ) بضم السين المهملة وتخفيف [ ص: 287 ] اللام وفتح الميم مقصورا أي كل مفصل ، وقال ابن الأعرابي : هي عظام أصابع اليد والقدم ، وسلامى البعير عظام فرسنه ، قال : وهي عظام صغار على طول الإصبع أو قريب منها في كل يد ورجل أربع سلاميات أو ثلاث ، وفي ( الجامع ) : هي عظام الأصابع والأشاجع والأكارع كأنها كعاب ، والجمع السلاميات يقال آخر ما يبقى المخ في السلامى والعين ، وقيل : السلاميات فصوص على القدمين وهي من الإبل في داخل الأخفاف ومن الخيل في الحوافر ، وفي ( الصحاح ) : واحده وجمعه سواء ، وقال ابن الجوزي : وربما شدده أحداث طلبة الحديث لقلة علمهم ، ومعنى هذا الحديث أن عظام الإنسان هي من أصل وجوده وبها حصول منافعه إذ لا يتأتى الحركة والسكون إلا بها فهي من أعظم نعم الله تعالى على الإنسان وحق المنعم عليه أن يقابل كل نعمة منها بشكر يخصها فيعطي صدقة كما أعطي منفعة ، لكن الله عز وجل لطف وخفف بأن جعل العدل بين الناس وشبهه صدقة ، وفي مسلم : السلامى مفاصل الإنسان وهي ثلاثمائة وستون مفصلا ، قال القرطبي : ظاهر هذا يقتضي الوجوب ولكن خففه الله تعالى حيث جعل ما خفي من المندوبات مسقطا له ، قوله : ( كل يوم ) بالنصب ظرف لما قبله وبالرفع مبتدأ والجملة بعده خبره ، والعائد يجوز حذفه فافهم ، قوله : ( يعدل بين اثنين ) فاعل يعدل الشخص أو المكلف وهو مبتدأ على تقدير أن يعدل أي عدله وخبره صدقة ، وهذا كقولهم تسمع بالمعيدي خير من أن تراه ، والتقدير أن تسمع أي سماعك .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية