الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6043 97 - حدثنا زهير بن حرب ، حدثنا ابن فضيل ، عن عمارة ، عن أبي زرعة ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن : سبحان الله العظيم سبحان الله وبحمده .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة ، وابن فضيل هو محمد بن فضيل بتصغير فضل الضبي ، وعمارة بضم العين المهملة وتخفيف الميم ابن القعقاع ، وأبو زرعة بضم الزاي وسكون الراء وبالعين المهملة اسمه هرم بن عمرو بن جرير الجبلي الكوفي .

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه البخاري أيضا في الأيمان والنذور عن قتيبة ، وفي التوحيد آخر الكتاب عن أحمد بن إشكاب ، وأخرجه مسلم في الدعوات عن زهير بن حرب وغيره ، وأخرجه الترمذي فيه عن يوسف بن عيسى ، وأخرجه النسائي في اليوم والليلة عن علي بن منذر وغيره ، وأخرجه ابن ماجه في ثواب التسبيح عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره .

                                                                                                                                                                                  قوله : " كلمتان أي : كلامان ، والكلمة تطلق على الكلام كما يقال : كلمة الشهادة .

                                                                                                                                                                                  قوله : " خفيفتان " قال الطيبي : الخفة مستعارة للسهولة شبه سهولة جريان هذا الكلام على اللسان بما يخف على الحامل من بعض المحمولات ولا يشق عليه ، فذكر المشبه وأراد المشبه به .

                                                                                                                                                                                  قوله : " ثقيلتان في الميزان " الثقل فيه على حقيقته لأن الأعمال تتجسم عند الميزان ، والميزان هو الذي يوزن به في القيامة أعمال العباد ، وفي كيفيته أقوال ، والأصح أنه جسم محسوس ذو لسان وكفتين ، والله تعالى يجعل الأعمال كالأعيان موزونة أو يوزن صحف الأعمال .

                                                                                                                                                                                  قوله : " حبيبتان " تثنية حبيبة بمعنى محبوبة ، يقال : حبيب فلان إلى هذا الشيء أي : جعله محبوبا ، والمراد هنا محبوبية قائلهما ومحبة الله للعبد إرادة إيصال الخير له والتكريم ، قيل : لفظ الفعيل بمعنى المفعول يستوي فيه المذكر والمؤنث ولا سيما إذا كان موصوفه مذكرا ، فما وجه لحوق علامة التأنيث ؟ وأجيب بأن التسوية بينهما جائزة لا واجبة أو وجوبها في المفرد لا في المثنى ، وقيل : إنما أنثها لمناسبة الخفيفة والثقيلة لأنهما بمعنى الفاعلة لا المفعولة ، وقيل : هذه التاء لنقل اللفظ من الوصفية إلى الاسمية .

                                                                                                                                                                                  قوله : " إلى الرحمن " وإنما خصص لفظ الرحمن من بين سائر الأسماء الحسنى لأن المقصود من الحديث بيان سعة رحمة الله تعالى على عباده حيث يجازي على العمل القليل بالثواب الجزيل ، قلت : يجوز أن يقال : اختصاص ذلك لإقامة السجع أعني الفواصل وهي من محسنات الكلام على ما عرف في علم البديع ، وإنما نهي عن سجع الكهان لكونه متضمنا للباطل .

                                                                                                                                                                                  قوله : " سبحان الله " قد ذكرنا أنه لازم النصب بإضمار الفعل ، وسبحان علم للتسبيح كعثمان علم للرجل ، والعلم على نوعين علم شخصي وعلم جنسي ، ثم إنه يكون تارة للعين وتارة للمعنى فهذا من العلم الجنسي الذي للمعنى ، قيل : قالوا : لفظ سبحان واجب الإضافة ، فكيف الجمع بين العلمية والإضافة ؟ وأجيب بأنه ينكر ثم يضاف كما قال الشاعر :


                                                                                                                                                                                  علا زيدنا يوم النقا رأس زيدكم بأبيض ماض الشفرتين يمان

                                                                                                                                                                                  ووجه تكرير سبحان الله الإشعار بتنزيهه على الإطلاق ، ثم إن التسبيح ليس إلا ملتبسا بالحمد ليعلم ثبوت الكمال له نفيا وإثباتا جميعا ، والله سبحانه وتعالى أعلم .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية