الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  وقول الله بالجر عطف على المحاربين سيقت هذه الآية الكريمة إلى من الأرض في رواية كريمة وغيرها ، وفي رواية أبي ذر إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله الآية ، وظاهر كلام البخاري أنه يريد بالذين يحاربون الله ورسوله في الآية الكريمة الكفار لا قطاع الطريق ، وقال الجمهور : هي في حق القطاع ، وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي وأبو ثور ، وممن قال : إن هذه الآية نزلت في أهل الشرك الحسن والضحاك وعطاء والزهري ، وقال ابن القصار : وقيل : نزلت في أهل الذمة الذين نقضوا العهد ، وقيل في المرتدين وكله خطأ ، وليس قول من قال : إن الآية وإن كانت نزلت في المسلمين مناف في المعنى لقول من قال : إنها نزلت في أهل الردة والمشركين ; لأن الآية وإن كانت نزلت في المرتدين بأعيانهم فلفظها عام يدخل في معناه كل من فعل مثل فعلهم من المحاربة والفساد في الأرض .

                                                                                                                                                                                  وأما ترتيب أقوال العلماء الذين جعلوا الآية نزلت في المسلمين في حد المحارب المسلم ; فقال مالك : إذا أشهر السلاح وأخاف السبيل ، ولم يقتل ، ولم يأخذ مالا كان الإمام مخيرا فيه ، فإن رأى أن يقتله أو يصلبه أو يقطع يده ورجله من خلاف أو ينفيه فعل ذلك ، وقال الكوفيون والشافعي : إذا لم يقتل ، ولا أخذ مالا لم يكن عليه إلا التعزير ، وإنما يقتله الإمام إن قتل ، ويقطعه إن سرق ، ويصلبه إذا أخذ المال وقتل ، وينفيه إذا لم يفعل شيئا من ذلك ، ولا يكون الإمام مخيرا فيه ، والنفي عند الشافعي التعزير بالإخراج من بلده ، وقال الجمهور من المالكية : النفي الحبس في بلد آخر ، وفي التلويح : قول أبي حنيفة الحبس ضد النفي ، والنفي هو الإخراج عن الوطن ; لأنه أبلغ في الردع ، ثم يحبس في المكان الذي يخرج إليه حتى تظهر توبته ، هذه حقيقة النفي .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية