الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  63 حدثنا عبيد الله بن موسى عن سفيان قال : إذا قرئ على المحدث فلا بأس أن تقول حدثني . قال : وسمعت أبا عاصم يقول عن مالك وسفيان : القراءة على العالم وقراءته سواء .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  هذا إسناده فيما ذكره عن سفيان الثوري ومالك بن أنس أولا معلقا عن عبيد الله بن موسى بن باذام العبسي - بالمهملتين - عن سفيان الثوري .

                                                                                                                                                                                  قوله " فلا بأس " ; أي على القارئ أن يقول حدثني ، كما جاز أن يقول أخبرني ، فهو مشعر بأن لا تفاوت عنده بين حدثني وأخبرني وبين أن يقرأ على الشيخ أو يقرؤه الشيخ عليه .

                                                                                                                                                                                  قوله " قال " ; أي البخاري ، " وسمعت أبا عاصم " وهو الضحاك بن مخلد - بفتح الميم - بن الضحاك بن مسلم بن رافع بن الأسود بن عمرو بن والان بن ثعلبة بن شيبان البصري المشهور بالنبيل - بفتح النون وكسر الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف ، وفي آخره لام - لقب به لأنه قدم الفيل البصرة فذهب الناس ينظرون إليه ، فقال له ابن جريج : ما لك لا تنظر ؟ فقال : لا أجد منك عوضا ! فقال : أنت نبيل . أو لقب به لكبر أنفه ، أو لأنه كان يلزم زفر رحمه الله تعالى ، وكان حسن الحال في كسوته ، وكان أبو عاصم آخر رث الحال ملازما له ، فجاء النبيل يوما إلى بابه ، فقال الخادم لزفر : أبو عاصم بالباب ! فقال له : أيهما ؟ فقال : ذلك النبيل . وقيل : لقبه المهدي . مات في ذي الحجة سنة اثنتي عشرة ومائتين عن تسعين سنة وستة أشهر .

                                                                                                                                                                                  وهذا الذي نقله أبو عاصم عن مالك وسفيان هو مذهبه أيضا فيما حكاه الرامهرمزي عنه ، ثم اختلفوا بعد ذلك في مساواتهما للسماع من لفظة الشيخ في الرتبة أو دونه أو فوقه على ثلاثة أقوال ; الأول : أنه أرجح من قراءة الشيخ وسماعه - قاله أبو حنيفة وابن أبي ذئب ومالك في رواية وآخرون ، واستحب مالك القراءة على العالم ، وذكر الدارقطني في كتاب الرواة عن مالك أنه كان يذهب إلى أنها أثبت من قراءة العالم .

                                                                                                                                                                                  الثاني عكسه ; أن قراءة الشيخ بنفسه أرجح من القراءة عليه ، وهذا ما عليه الجمهور ، وقيل : إنه مذهب جمهور أهل المشرق .

                                                                                                                                                                                  الثالث : أنهما سواء ، وهو قول ابن أبي الزناد وجماعة ، حكاه عنهم ابن سعد . وقيل : إنه مذهب معظم علماء الحجاز والكوفة ، وهو مذهب مالك وأتباعه من علماء المدينة ومذهب البخاري وغيرهم .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية