الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  79 قال أبو عبد الله : قال إسحاق : وكان منها طائفة قيلت الماء .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أبو عبد الله هو البخاري ، أراد أن إسحاق قال : قيلت بالياء آخر الحروف المشددة مكان قبلت بالباء الموحدة ، وقال الأصيلي : قيلت : تصحيف من إسحاق ، وإنما هي قبلت كما ذكر في أول الحديث ، وقال غيره : معنى قيلت شربت القيل ، وهو شرب نصف النهار ، يقال : قيلت الإبل إذا شربت نصف النهار ، وقيل معنى قيلت جمعت وحبست ، قال القاضي : وقد رواه سائر الرواة غير الأصيلي : قبلت ، يعني بالباء الموحدة في الموضعين في أول الحديث ، وفي قول إسحاق : فعلى هذا إنما خالف إسحاق في لفظة طائفة جعلها مكان نقية ، قاله الشيخ قطب الدين ، وبنحوه قال الكرماني : قال إسحاق : وفي بعض النسخ بعده عن أبي أسامة ، يعني حماد بن أسامة ، والمقصود منه أنه روى إسحاق عن حماد لفظ طائفة بدل ما روى محمد بن العلاء عن حماد لفظ نقية .

                                                                                                                                                                                  وأما إسحاق فقد قال الشيخ قطب الدين : هذا من المواضع المشكلة في كتاب البخاري ، فإنه ذكر جماعة في كتابه لم ينسبهم ، فوقع من بعض الناس اعتراض عليه بسبب ذلك لما يحصل من اللبس وعدم البيان ولا سيما إذا شاركهم ضعيف في تلك الترجمة ، وأزال الحاكم بن الربيع اللبس بأن نسب بعضهم واستدل على نسبته ، وذكر الكلاباذي بعضهم ، وذكر ابن السكن بعضا ، ومن جملة التراجم المعترضة إسحاق فإنه ذكر هذه الترجمة في مواضع من كتابه مهملة وهي كثيرة جدا .

                                                                                                                                                                                  قال أبو علي الجياني : روى البخاري عن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي وإسحاق بن إبراهيم بن نصر السعدي وإسحاق بن منصور الكوسج عن أبي أسامة حماد بن أبي أسامة ، وقد حدث [ ص: 81 ] مسلم أيضا عن إسحاق بن منصور الكوسج عن أبي أسامة ، قلت : إسحاق المذكور هنا لا يخرج عن أحد الثلاثة ، ويترجح أن يكون إسحاق بن راهويه لكثرة روايته عنه ، وقد حكى الجياني عن سعيد بن السكن الحافظ أن ما كان في كتاب البخاري عن إسحاق غير منسوب فهو ابن راهويه وهو بالهاء والواو المفتوحتين والياء آخر الحروف الساكنة وهو المشهور ، ويقال أيضا بالهاء المضمومة وبالياء آخر الحروف المفتوحة وهو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بفتح الميم وسكون الخاء المعجمة وفتح اللام أبو يعقوب الحنظلي المروزي ، سكن نيسابور ، وقال عبد الله بن طاهر له : لم قيل لك ابن راهويه ؟ قال : اعلم أيها الأمير أن أبي ولد في طريق مكة ، فقال المراوزة : راهوي ; لأنه ولد في الطريق ، وهو بالفارسية راه ، وهو أحد أركان المسلمين وعلم من أعلام الدين ، مات بنيسابور سنة ثمان وثلاثين ومائتين ، قلت : يحتمل أن يراد به إسحاق بن إبراهيم بن نصر السعدي البخاري بالخاء العجمة ، نزيل المدينة ، توفي سنة اثنتين وثلاثين ومائتين ، أو إسحاق بن منصور بن بهرام الكوسج المروزي ، مات عام أحد وخمسين ومائتين ; إذ البخاري في هذا الصحيح يروي عن الثلاثة عن أبي أسامة ، قال الغساني في كتاب تقييد المهمل : إن البخاري إذا قال حدثنا إسحاق غير منسوب حدثنا أبو أسامة يعني به أحد هؤلاء الثلاثة ، ولا يخلو عن أحدهم .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية