الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        3946 - حدثنا علي بن معبد ، قال : ثنا شبابة بن سوار ، قال : ثنا شعبة ، عن بكير بن عطاء ، عن عبد الرحمن بن يعمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكر مثله ، ولم يذكر سؤال أهل نجد ، ولا إردافه الرجل .

                                                        ففي هذا الحديث أن أهل نجد سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحج ، فكان جوابه لهم : الحج يوم عرفة ، وقد علمنا أن جواب رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الجواب التام ، الذي لا نقص فيه ، ولا فضل ؛ لأن الله تعالى قد آتاه جوامع الكلم وخواتمه ، فلو كان عندما سألوه عن الحج أرادوا بذلك ما لا بد منه في الحج ، لكان يذكر عرفة ، والطواف ، ومزدلفة ، وما يفعل من الحج .

                                                        فلما ترك ذلك في جوابه إياهم ، علمنا أن ما أرادوا بسؤالهم إياه عن الحج ، هو ما إذا فات ، فات الحج ، فأجابهم بأن قال : الحج يوم عرفة .

                                                        فلو كانت مزدلفة كعرفة ، لذكر لهم مزدلفة ، مع ذكره عرفة ، ولكنه ذكر عرفة خاصة ؛ لأنها صلب الحج ، الذي إذا فات فات الحج .

                                                        ثم قال كلاما مستأنفا ، ليعلم الناس أن من أدرك جمعا ، قبل طلوع الفجر ، فقد أدرك الحج ، ليس على معنى أنه أدرك جميع الحج ؛ لأنه قد ثبت في أول كلامه : الحج عرفة فأوجب بذلك أن فوت عرفة فوت الحج .

                                                        ثم قال : ومن أدرك جمعا قبل صلاة الصبح ، فقد أدرك الحج ، ليس على معنى أنه لم يبق عليه من الحج شيء ؛ لأن بعد ذلك طواف الزيارة ، وهو واجب لا بد منه ، ولكن فقد أدرك الحج ، بما تقدم له من الوقوف بعرفة .

                                                        فهذا أحسن ما خرج من معاني هذه الآثار ، وصححت عليه ، ولم تتضاد .

                                                        وأما وجه ذلك من طريق النظر ، فإنا قد رأينا الأصل المجتمع عليه أن للضعفة أن يتعجلوا من جمع بليل .

                                                        وكذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أغيلمة بني عبد المطلب ، وسنذكر ذلك في موضعه من كتابنا هذا ، إن شاء الله تعالى .

                                                        ورخص لسودة في ترك الوقوف بها .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية