الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        3251 - حدثنا يونس ، قال : أنا ابن وهب ، أن مالكا أخبره ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، أن حمزة بن عمرو الأسلمي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أصوم في السفر ؟ وكان كثير الصيام .

                                                        فقال له النبي : إن شئت فصم ، وإن شئت فأفطر
                                                        .

                                                        فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أباح الصوم في السفر لمن شاء ذلك ، والفطر لمن شاء ذلك .

                                                        فثبت بهذا وبما ذكرناه قبله أن صوم رمضان في السفر جائز .

                                                        وذهب قوم إلى أنه لا فضل لمن صام رمضان في السفر ، على من أفطر وقضاه بعد ذلك .

                                                        وقالوا : ليس أحدهما أفضل من الآخر ، واحتجوا في ذلك بتخيير النبي صلى الله عليه وسلم حمزة بن عمرو بين الإفطار في السفر والصوم ، ولم يأمره بأحدهما دون الآخر .

                                                        وخالفهم في ذلك آخرون ، فقالوا : الصوم في السفر في شهر رمضان أفضل من الإفطار .

                                                        [ ص: 70 ] وقالوا لأهل المقالة التي ذكرنا : ( ليس فيما ذكرتموه من تخيير النبي صلى الله عليه وسلم لحمزة ، بين الصوم في السفر والفطر ، دليل على أنه ليس أحدهما أفضل من الآخر ، ولكن إنما خيره بما له أن يفعله من الإفطار والصوم ، وقد رأينا شهر رمضان يجب بدخوله الصوم على المسافرين والمقيمين جميعا إذا كانوا مكلفين ) .

                                                        فلما كان دخول رمضان هو الموجب للصيام عليهم جميعا ، كان من عجل منهم أداء ما وجب عليه أفضل ممن أخره .

                                                        فثبت بما ذكرنا أن الصوم في السفر أفضل من الفطر ، وهو قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد رحمهم الله .

                                                        وقد روي ذلك أيضا عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، وعن نفر من التابعين .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية