الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        3123 - حدثنا فهد ، قال : ثنا عمرو بن طارق ، قال : أنا يحيى بن أيوب ، عن يونس بن يزيد ، أن نافعا أخبره قال : قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر ، صاعا من تمر ، أو صاعا من شعير ، على كل إنسان ، ذكر حر ، أو عبد ، من المسلمين .

                                                        قال : وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول : ( فجعل الناس عدله مدين من حنطة
                                                        ) .

                                                        فقول ابن عمر رضي الله عنهما : ( فجعل الناس عدله مدين من حنطة ) إنما يريد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين يجوز تعديلهم ، ويجب الوقوف عند قولهم .

                                                        [ ص: 45 ] فإنه قد روي عن عمر مثل ذلك في كفارة اليمين ، أنه قال ليسار بن نمير : ( إني أحلف أن لا أعطي أقواما شيئا ، ثم يبدو لي فأفعل ، فإذا رأيتني فعلت ذلك ، فأطعم عني عشرة مساكين ، كل مسكين نصف صاع من بر ، أو صاعا من تمر أو شعير ) .

                                                        وروي عن علي مثل ذلك ، وسنذكر ذلك في موضعه من كتابنا هذا ، إن شاء الله تعالى ، مع أنه قد روي عن عمر ، وعن أبي بكر أيضا ، وعن عثمان بن عفان ، في صدقة الفطر : أنها من الحنطة نصف صاع ، وسنذكر ذلك أيضا في هذا الباب إن شاء الله تعالى .

                                                        فدل ذلك على أنهم هم المعدلون لما ذكرنا من الحنطة ، بالمقدار من الشعير ، والتمر الذي ذكرنا ، ولم يكونوا يفعلون ذلك إلا بمشاورة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وإجماعهم لهم على ذلك .

                                                        فلو لم يكن روي لنا في مقدار ما يعطى من الحنطة في زكاة الفطر إلا هذا التعديل ، لكان ذلك - عندنا - حجة عظيمة في ثبوت ذلك المقدار من الحنطة ، وأنه نصف صاع .

                                                        فكيف وقد روي - مع ذلك - عن أسماء ، أنها كانت تخرج ذلك المقدار على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا .

                                                        ثم قد روي في غير هذه الآثار التي ذكرناها عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ما يوافق ذلك أيضا .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية