الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        3237 - حدثنا أبو بكرة ، قال : ثنا روح ، قال : ثنا شعبة ، قال : سمعت عاصما يحدث ، عن أنس قال : ( إن شئت فصم ، وإن شئت فأفطر ، والصوم أفضل ) .

                                                        وكان مما احتج به أيضا أهل المقالة الأولى في دفعهم الصوم في السفر ، ما قد ذكرناه في غير هذا الموضع ، من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله وضع عن المسافر الصيام " .

                                                        قالوا : فلما كان الصيام موضوعا عنه ، كان إذا صامه فقد صامه ، وهو غير مفروض عليه ، فلا يجزيه .

                                                        فكان من الحجة للآخرين عليهم في ذلك أنه قد يجوز أن يكون ذلك الصيام الذي وضعه عنه ، هو الصيام الذي لا يكون له منه بد في تلك الأيام ، كما لا بد للمقيم من ذلك ، وفي هذا الحديث ما قد دل على هذا المعنى .

                                                        ألا تراه يقول : " وعن الحامل والمرضع " .

                                                        [ ص: 68 ] أفلا ترى أن الحامل والمرضع إذا صامتا رمضان أن ذلك يجزيهما ، أو أنهما لا تكونان ، كمن صام قبل وجوب الصوم عليه ، بل جعل ما يجب الصوم عليهما بدخول الشهر ، فجعل لهما تأخيره للضرورة ، والمسافر في ذلك مثلهما .

                                                        وهذا أولى ما حمل عليه هذا الأثر ، حتى لا يضاد غيره من الآثار التي قد ذكرناها في هذا الباب .

                                                        وكان من الحجة على أهل المقالة الأولى التي قد ذكرناها لأهل المقالة الثانية ، التي وصفناها - أنا قد رأيناهم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن أباح لهم الإفطار في السفر يصومون فيه .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية