( ومن أخبر ) عن شيء ( بحضرته ) أي حضرة النبي ( صلى الله عليه وسلم ولم ينكر ) ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أو ) أخبر عن شيء بحضرة ( جمع عظيم ولم يكذبوه ) فيما أخبر به ( دل على صدقه ظنا ) هاهنا مسألتان . الأولى : إذا أخبر مخبر بشيء بحضرته صلى الله عليه وسلم ولم ينكره    . فإنه يدل على صدقه ظنا لا قطعا في ظاهر كلام أصحابنا وغيرهم . لتطرق الاحتمال بعدم سماعه أو إلقاء باله ، أو أنه ما فهمه أو أخره لأمر يعلمه ، أو بينه قبل ذلك بوقت ونحوه . وقيل : بل قطعا ; لأنه صلى الله عليه وسلم لا يقر على الباطل . وقيل : إن كان الأمر دينيا دل على صدقه ;  [ ص: 266 ] لأنه بعث شارعا للأحكام ، فلا يسكت عما يخالف الشرع ، بخلاف الدنيوي . 
فإنه صلى الله عليه وسلم لم يبعث لبيان الدنيويات المسألة الثانية : إذا أخبر مخبر بشيء بحضرة جمع عظيم ، وسكتوا عن تكذيبه  فيما أخبر به . فإن ذلك يدل على صدقه ظنا لا قطعا . اختاره الآمدي  والرازي    ; إذ ربما خفي عليهم حال ذلك المخبر . والقول بأنه يبعد خفاؤه لا يفيد القطع ، وقدم ذلك ابن مفلح  ونصره . 
وقيل : إن علم أنه لو كان كاذبا لكذبوه ولا داعي إلى السكوت علم صدقه ، قطع به  ابن الحاجب  في مختصره وتبعه جماعة ، ورد ذلك بأنه يحتمل أنه لم يعلمه إلا واحد أو اثنان . والعادة لا تحيل سكوتهما ، ثم يحتمل مانع ( وكذا ما ) أي : وكالمسألتين المتقدمتين في الدلالة على صدق الخبر ظنا خبر ( تلقاه ) النبي صلى الله عليه وسلم بالقبول  ، كإخباره صلى الله عليه وسلم ( عن  تميم الداري    ) قال الشيخ تقي الدين    : " ومنه ما تلقاه صلى الله عليه وسلم بالقبول كإخباره عن  تميم الداري  في قصة الجساسة " ، وهي في صحيح  مسلم  ، فإنه صدقه ووافق ما كان يخبر به صلى الله عليه وسلم عن الدجال ( و ) كذا   ( إخبار شخصين عن قضية يتعذر عادة تواطؤهما عليها ، أو على كذب وخطإ )  قاله ابن مفلح  في أصوله مقتصرا عليه من غير خلاف . قال في شرح التحرير : والظاهر أنه من تتمة كلام الشيخ تقي الدين  ، فإنه عقبه كلامه ، ولم نر هذه المسألة في غير هذا الكتاب . انتهى 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					