النوع التاسع مفهوم الغاية ومد الحكم بإلى وحتى  كقوله : { ثم أتموا الصيام إلى الليل    } { ولا تقربوهن حتى يطهرن    } وقوله : { لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول   } يدل على الوجوب عند الحول ، لأن الحول جعل غاية للشيء ، وغاية الشيء آخره . وقد نص  الشافعي  على القول به ، فقال في " الأم " : وما جعل الله له غاية ، فالحكم بعد مضي الغاية فيه غيره قبل مضيها . ثم مثل بقوله تعالى : { وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح    } الآية . وكان في شرط القصر لهم بحالة موصوفة دليل على أن حكمهم في غير تلك الصفة غير القصر . ا هـ .  [ ص: 178 ] وقد اعترف به جمع من منكري المفهوم الشرطي ،  كالقاضي أبي بكر  ، والغزالي  ، والقاضي عبد الجبار  ، وأبي الحسين    . وإليه ذهب معظم نفاة المفهوم كما قاله القاضي  ، وابن القشيري  ، وحكى ابن برهان  ، وصاحب " المعتمد " الاتفاق عليه . وقال سليم    : لم يختلف أهل العراق  في ذلك . وخالف الأشعرية  في ذلك . 
وقال القاضي  في " التقريب " : صار معظم نفاة دليل الخطاب إلى أن التقييد بحروف الغاية يدل على انتفاء الحكم وراء الغاية ، ثم قال : وكنا قد نصرنا إبطال حكم الغاية في كتب ، والأوضح عندنا الآن القول بها ، فإذا قال : اضرب عبدي حتى يتوب ، اقتضى ذلك بالوضع الكف عن ضربه إذا تاب ، ولهذا أجمعوا على تسميتها حروف الغاية ، وغاية الشيء نهايته . فلو ثبت الحكم بعدها لم تفد تسميتها غاية . 
قال : وهذا من توقيف اللغة معلوم ، فكان بمنزلة قولهم : تعليق الحكم بالغاية موضوع للدلالة على أن ما بعدها بخلاف ما قبلها . واحتج القاضي  أيضا بالاتفاق على أنك تقدر في غاية الطهر فتقول في : { ولا تقربوهن حتى يطهرن    } تقديره فاقربوهن ، وفي : { حتى تنكح زوجا غيره    } فتحل ، ونحو ذلك ، وهذا الكلام من القاضي  يقتضي أن مذهبه أن ثبوت الحكم فيما بعد الغاية من جهة المنطوق لا المفهوم فتنبه لذلك . 
وكذا قال العبدري  في ، المستوفى " ، وابن الحاج  في تعليقه على " المستصفى " : عد الأصوليين المغيا " بإلى ، وحتى " في المفهوم جهل بكلام العرب  ، فإن المخالف بما يقتضيه " حتى وإلى " لا من جهة المفهوم .  [ ص: 179 ] قلت : ويلزمهم أن يقولوا بذلك في الشرط ، فإن الجزاء مرتبط به عند أهل اللسان ، وهو غير مستقل بنفسه كالغاية . 
وذهب الآمدي  وطائفة من الحنفية إلى المنع تصميما على إنكار المفهوم . ونقله  المازري  عن الأزدي  تلميذ  القاضي أبي بكر    . وقد سبق في التخصيص بالغاية ما يستدعي تجديد العهد به هاهنا . والحاصل أن الخلاف هنا كخلاف مفهوم الحصر ، قيل : لا يفيد . وقيل : منطوق . وقيل : مفهوم . . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					