( الفرق التاسع والثلاثون والمائة بين قاعدة ذكاة الحيات وقاعدة ذكاة غيرها من الحيوانات )
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في المدونة لا بأس بأكل
nindex.php?page=treesubj&link=16905_17449_27360الحيات إذا ذكيت في موضع ذكاتها جاز أكلها لمن احتاج إلى ذلك وأشار صاحب الجواهر أنها تذكى كما يذكى الصيد ومقتضى ظاهر قوله إنها لأجل العجز عنها إذا جرحت في أي موضع كان من جسدها جاز تناولها عند الحاجة إليها وهو سبب لهلاك متناولها ولم يطلق
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك هذا الإطلاق بل قال إذا ذكيت في موضع ذكاتها ولم يقل إذا ذكيت مثل الصيد والسبب في ذلك أن
nindex.php?page=treesubj&link=17449_17304_27360ذكاة الحيات لا يحكمها إلا طبيب ماهر وصفة ذكاتها على ما اختاره المتأخرون من الأطباء إذا أرادوا استعمالها في الترياق الفاروق أو لمداواة الجذام والعياذ بالله تعالى أن تمسك برأسها وذنبها من غير عنف حذرا من أن يحصل لها غيظ فيدور السم في جسدها فإذا أخذت .
كذلك ثنيت على مسمار مضروب في لوح ثم تضرب بآلة حادة كالقدوم الحاد مثل الموسى ونحوها من الآلات الحادة الرزينة وهي ممدودة على تلك الخشبة ويقصد بتلك الضربة آخر الرقبة من جهة رقبتها وذنبها فإن بين رأسها ووسطها مقدار رقيق وبين ذنبها ووسطها مقدار رقيق فيتجاوز ذلك الرقيق من الجهتين ويوصل المقدار الغليظ الذي في وسطها فلا يترك غيره ويحاز الرقيقان إلى جهة الرأس والذنب ويقطع جميع ذلك في فور واحد بضربة واحدة وجيزة فمتى بقيت جلدة يسيرة لم تقطع مع الجملة قتلت آكلها لأن السم حينئذ يجري من جهة الرأس والذنب في تلك الجلدة اليسيرة إلى بقية جسدها الذي هو الجزء الغليظ بسبب ما يحدث لها من الغضب عند الإحساس بألم الحديد وهذا معنى قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رحمه الله موضع ذكاتها فهذا هو الفرق بين ذكاتها وذكاة غيرها من الحيوانات فهذا فرق من جهة صفة الذكاة وفيها فرق آخر من جهة المعنى وهو أن الذكاة شرعت فيها لأجل السلامة من سمها ولا يكاد يخرج منها دم عند ذكاتها ألبتة وإنما المقصود السلامة من سم رأسها وذنبها ولذلك تذكى من وسطها وشرعت الذكاة في غيرها من الحيوانات لاستخراج الفضلات المحرمات من أجسادها بأسهل الطرق على الحيوان ولا بد من ملاحظة القيد الأخير فإنا لو وسطنا الحيوان أو ضربنا عنقه خرجت منه الفضلات لكن ذلك شاق على الحيوان بسبب كثرة ما يخرج فاختار الشرع قطع الأوداج والحلقوم لتخرج الفضلات وهي الدماء والأخلاط كلها من الأوداج وقطعها خفيف على الحيوان بالنسبة إلى التوسط لو ضرب العنق وقطع الحلقوم يوجب قطع النفس لأنه مجراه فيختنق الحيوان فيسرع
[ ص: 99 ] إليه الموت ولما كانت هذه قاعدة
nindex.php?page=treesubj&link=27448_16893_26954تذكية الحيوان تعين أن يخرج عليها الخلاف في صورة الذكاة فمن لاحظ عدم الفضلات في الجراد وغيره مما ليس له نفس سائلة لم يشترط الذكاة فيها وجعل استخراج الفضلات أصلا وإراحة الحيوان تبعا وأجاز ميتة ذلك كله .
وهو ظاهر الحديث في قوله عليه السلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=87376أحلت لنا ميتتان ودمان فالدمان الكبد والطحال والميتتان السمك والجراد } ومن لاحظ سرعة زهوق الروح وجعله أصلا في نفسه لم يجزها إلا بذكاة وهو مشهور مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رحمه الله ومن لاحظ قاعدة أخرى وهو إلحاق النادر بالغالب في الشريعة أسقط ذكاة ما يعيش في البر من دواب البحر كالتمساح والترس وغيرهما نظرا لغالبه فإنه لا يعيش في البر وهو مشهور مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رحمه الله ومن لاحظ القاعدة الأولى وجعل ميتة البحر على خلاف الأصل لم يسقط الذكاة في هذا النوع ويؤيده قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3حرمت عليكم الميتة } وهذه ميتة أو يلاحظ قاعدة أخرى وهي حمل اللفظ العام على سببه دون عمومه فيختص بالميتة التي وردت الآية فيها وهي الميتة التي كانوا يأكلونها من الحيوان البري ويقولون تأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتل الله فهذه القواعد والأسرار هي الفرق بين هذه المواطن ولم يبقى منها إلا ذكاة الجنين في بعض أحواله قال أصحابنا إذا لم تجر فيه حياة لم تصح فيه ذكاة لا من قبله ولا من قبل أمه ولا يؤكل وإن جرت فيه الحياة وعلامة ذلك عندنا كمال الخلق ونبات الشعر فإن ذكيت الأم وخرج حيا ثم مات على الفور كرهه
ابن المواز ووقع في
nindex.php?page=showalam&ids=14009الجلاب تحريمه وإن استهل صارخا انفرد بحكم نفسه .
وإن لم تذك الأم وألقته ميتا لم يؤكل وكذلك إن كان حيا حياة لا يعيش معها علم ذلك أو شك فيه وإن ذكيت الأم فخرج ميتا فذكاتها ذكاته وقاله
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة لا بد له من ذكاة تخصه ولا يكفي فيه ذكاة أمه ومنشأ الخلاف أن ذكاة أمه تسرع زهوق نفسه بسهولة فإنه كالجزء منها فلا يحتاج إلى ذكاة أو يلاحظ أنه حيوان مستقل الأعضاء والفضلات فيحتاج إلى ذكاة تخصه وموته بموت أمه موت له بالغم والآفات الحاصلة له في محله والموت بذلك لا يبيح في غير صورة النزاع فكذلك في صورة النزاع فهذا منشأ الخلاف من حيث القواعد وأما من حيث النص فقوله عليه السلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11877ذكاة الجنين ذكاة أمه } خرجه
أبو داود يروى برفع الذكاة الثانية ونصبها فنحن والشافعية نعتمد على رواية الرفع ووجه الاعتماد عليها أن المبتدأ يجب انحصاره في الخبر والمبتدأ هنا ذكاة الجنين فتنحصر في زكاة أمه فلا يحتاج إلى ذكاة أخرى وإلا لما انحصرت في ذكاة أمه واعتمد الحنفية على رواية النصب والتقدير لوجه الحجة منها أن هذا النصب لا بد له من عامل يقتضي النصب وتقديره عندهم ذكاة الجنين أن يذكى ذكاة مثل
[ ص: 100 ] ذكاة أمه فحذف مثل الذي هو نعت للمصدر المحذوف وهو مضاف لذكاة أمه فأقيم المضاف إليه مقامه فأعرب كإعرابه بالنصب لأن القاعدة أن المضاف إليه متى أقيم مقام المضاف أعرب كإعرابه وحذف الناصب لهذا المصدر مع المصدر ونعته وبقي الكلام كما ترى فهذا تقرير مذهبهم .
ووجه الحجة لهم من الحديث ولنا عنه جواب حسن وذلك أن نقول ما يتعين التقدير فيما ذكرتموه بل يصح النصب بتقدير آخر وهو قولنا
nindex.php?page=treesubj&link=17023_17024_17025ذكاة الجنين داخلة في ذكاة أمه فيكون ذكاة أمه منصوبا على أنه مفعول على السعة أو على الظرف بإسقاط حرف الجر وكان الأصل في ذكاة أمه فحذف حرف الجر فانتصب المجرور وهذا التقدير أولى لوجهين أحدهما أن المحذوف حينئذ يكون كلمة واحدة وهي قولنا داخلة وحرف الجر إن قلنا به وأما على تقديركم فيكون المحذوف أربع كلمات ولا خلاف أن قلة الحذف أولى فيكون ما ذكرناه أولى وثانيهما أن تقديرنا يؤدي إلى الجمع بين رواية النصب والرفع وعدم التعارض وما ذكرتموه يفضي إلى التعارض وما أفضى إلى عدم التعارض كان أولى فما ذكرناه أولى ( مسألة )
قال صاحب البيان قال
ابن القاسم nindex.php?page=treesubj&link=17027الدابة التي لا يؤكل لحمها إذا طال مرضها أو تعبت من السير في أرض لا علف فيها ذبحها أولى من بقائها لتحصل راحتها من العذاب وقيل تعقر لئلا يغري الناس ذبحها على أكلها وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب لا تذبح ولا تعقر لنهيه عليه السلام عن تعذيب الحيوان لغير مأكلة
( فرع ) مرتب إذا
nindex.php?page=treesubj&link=27617تركها صاحبها فعلفها غيره ثم وجدها قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك هو أحق بها لأنه مكره على تركها بالاضطرار لذلك ويدفع ما أنفق عليها وقيل هي لعالفها لإعراض المالك عنها فهذا هو استيعاب هذا الباب بعلله ومقاصده إذا كان مقدورا عليه أما غير المقدور عليه وهو الصيد فلما كان المقصود في الحيوان المقدور عليه القصد إلى استخراج الدم الحرام المستخبث من اللحم الحلال الطيب بأسهل الطرق على تلك الحيوانات وهو فيها ممكن بآلة تصلح لذلك وهذا كله متيسر في الإنسي .
وقد تعذر في الوحشي استخراج الدم وسهولة الطريق وبقي القصد والآلة ونزل السهم منزلة المدية لضرورة الفرار والتوحش فهو في الرتبة الثانية ويليه في الرتبة الثالثة الجارح لأنه له اختيار يبعد بسببه عن كونه آلة لأنه يجوز لنفسه لكن عارض كونه مختارا عدم العقل فيه فعدم عقله مخل باختياره مضافا إلى التعليم الحاصل فيه والأوهام التي حصلها فيه الآدمي بسبب التعليم والسياسة الخاصة فصار ذلك مقربا لكونه آلة له ولذلك لا يصلح أن يكون المجوسي آلة لعقله وكمال اختياره وإن كان الله تعالى جعل ذبيحته ميتة كافتراس الوحوش كما جعل نسائهم كالبهائم يحرم وطؤهن بسبب عدم تعظيمهم الكتب الإلهية والرسل الربانية فاهتضموا إلى حيث جعلوا كالبهائم
[ ص: 101 ] وميز
أهل الكتاب عليهم لتعظيمهم الرسل والرسائل من حيث الجملة
( الْفَرْقُ التَّاسِعُ وَالثَّلَاثُونَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ ذَكَاةِ الْحَيَّاتِ وَقَاعِدَةِ ذَكَاةِ غَيْرِهَا مِنْ الْحَيَوَانَاتِ )
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا بَأْسَ بِأَكْلِ
nindex.php?page=treesubj&link=16905_17449_27360الْحَيَّاتِ إذَا ذُكِّيَتْ فِي مَوْضِعِ ذَكَاتِهَا جَازَ أَكْلُهَا لِمَنْ احْتَاجَ إلَى ذَلِكَ وَأَشَارَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ أَنَّهَا تُذَكَّى كَمَا يُذَكَّى الصَّيْدُ وَمُقْتَضَى ظَاهِرِ قَوْلِهِ إنَّهَا لِأَجْلِ الْعَجْزِ عَنْهَا إذَا جُرِحَتْ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ مِنْ جَسَدِهَا جَازَ تَنَاوُلُهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا وَهُوَ سَبَبٌ لِهَلَاكِ مُتَنَاوِلِهَا وَلَمْ يُطْلِقْ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ هَذَا الْإِطْلَاقَ بَلْ قَالَ إذَا ذُكِّيَتْ فِي مَوْضِعِ ذَكَاتِهَا وَلَمْ يَقُلْ إذَا ذُكِّيَتْ مِثْلَ الصَّيْدِ وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=17449_17304_27360ذَكَاةَ الْحَيَّاتِ لَا يَحْكُمُهَا إلَّا طَبِيبٌ مَاهِرٌ وَصِفَةُ ذَكَاتِهَا عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ الْأَطِبَّاءِ إذَا أَرَادُوا اسْتِعْمَالَهَا فِي التِّرْيَاقِ الْفَارُوقِ أَوْ لِمُدَاوَاةِ الْجُذَامِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَنْ تُمْسَكَ بِرَأْسِهَا وَذَنَبِهَا مِنْ غَيْرِ عُنْفٍ حَذَرًا مِنْ أَنْ يَحْصُلَ لَهَا غَيْظٌ فَيَدُورَ السُّمُّ فِي جَسَدِهَا فَإِذَا أُخِذَتْ .
كَذَلِكَ ثُنِّيَتْ عَلَى مِسْمَارٍ مَضْرُوبٍ فِي لَوْحٍ ثُمَّ تُضْرَبُ بِآلَةٍ حَادَّةٍ كَالْقُدُومِ الْحَادِّ مِثْلَ الْمُوسَى وَنَحْوِهَا مِنْ الْآلَاتِ الْحَادَّةِ الرَّزِينَةِ وَهِيَ مَمْدُودَةٌ عَلَى تِلْكَ الْخَشَبَةِ وَيَقْصِدُ بِتِلْكَ الضَّرْبَةِ آخَرَ الرَّقَبَةِ مِنْ جِهَةِ رَقَبَتِهَا وَذَنَبِهَا فَإِنَّ بَيْنَ رَأْسِهَا وَوَسَطِهَا مِقْدَارٌ رَقِيقٌ وَبَيْنَ ذَنَبِهَا وَوَسَطِهَا مِقْدَارٌ رَقِيقٌ فَيَتَجَاوَزُ ذَلِكَ الرَّقِيقَ مِنْ الْجِهَتَيْنِ وَيُوصَلُ الْمِقْدَارُ الْغَلِيظُ الَّذِي فِي وَسَطِهَا فَلَا يَتْرُكُ غَيْرَهُ وَيُحَازُ الرَّقِيقَانِ إلَى جِهَةِ الرَّأْسِ وَالذَّنَبِ وَيَقْطَعُ جَمِيعَ ذَلِكَ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ وَجِيزَةٍ فَمَتَى بَقِيَتْ جِلْدَةٌ يَسِيرَةٌ لَمْ تُقْطَعْ مَعَ الْجُمْلَةِ قَتَلَتْ آكِلَهَا لِأَنَّ السُّمَّ حِينَئِذٍ يَجْرِي مِنْ جِهَةِ الرَّأْسِ وَالذَّنَبِ فِي تِلْكَ الْجِلْدَةِ الْيَسِيرَةِ إلَى بَقِيَّةِ جَسَدِهَا الَّذِي هُوَ الْجُزْءُ الْغَلِيظُ بِسَبَبِ مَا يَحْدُثُ لَهَا مِنْ الْغَضَبِ عِنْدَ الْإِحْسَاسِ بِأَلَمٍ الْحَدِيدِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ مَوْضِعُ ذَكَاتِهَا فَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ ذَكَاتِهَا وَذَكَاةِ غَيْرِهَا مِنْ الْحَيَوَانَاتِ فَهَذَا فَرْقٌ مِنْ جِهَةِ صِفَةِ الذَّكَاةِ وَفِيهَا فَرْقٌ آخَرُ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى وَهُوَ أَنَّ الذَّكَاةَ شُرِعَتْ فِيهَا لِأَجْلِ السَّلَامَةِ مِنْ سُمِّهَا وَلَا يَكَادُ يَخْرُجُ مِنْهَا دَمٌ عِنْدَ ذَكَاتِهَا أَلْبَتَّةَ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ السَّلَامَةُ مِنْ سُمِّ رَأْسِهَا وَذَنَبِهَا وَلِذَلِكَ تُذَكَّى مِنْ وَسَطِهَا وَشُرِعَتْ الذَّكَاةُ فِي غَيْرِهَا مِنْ الْحَيَوَانَاتِ لِاسْتِخْرَاجِ الْفَضَلَاتِ الْمُحَرَّمَاتِ مِنْ أَجْسَادِهَا بِأَسْهَلَ الطُّرُقِ عَلَى الْحَيَوَانِ وَلَا بُدَّ مِنْ مُلَاحَظَةِ الْقَيْدِ الْأَخِيرِ فَإِنَّا لَوْ وَسَّطْنَا الْحَيَوَانَ أَوْ ضَرَبْنَا عُنُقَهُ خَرَجَتْ مِنْهُ الْفَضَلَاتُ لَكِنَّ ذَلِكَ شَاقٌّ عَلَى الْحَيَوَانِ بِسَبَبِ كَثْرَةِ مَا يَخْرُجُ فَاخْتَارَ الشَّرْعُ قَطْعَ الْأَوْدَاجِ وَالْحُلْقُومِ لِتَخْرُجَ الْفَضَلَاتُ وَهِيَ الدِّمَاءُ وَالْأَخْلَاطُ كُلُّهَا مِنْ الْأَوْدَاجِ وَقَطْعُهَا خَفِيفٌ عَلَى الْحَيَوَانِ بِالنِّسْبَةِ إلَى التَّوَسُّطِ لَوْ ضَرَبَ الْعُنُقَ وَقَطْعُ الْحُلْقُومِ يُوجِبُ قَطْعَ النَّفْسِ لِأَنَّهُ مَجْرَاهُ فَيَخْتَنِقُ الْحَيَوَانُ فَيُسْرِعُ
[ ص: 99 ] إلَيْهِ الْمَوْتُ وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ قَاعِدَةَ
nindex.php?page=treesubj&link=27448_16893_26954تَذْكِيَةِ الْحَيَوَانِ تَعَيَّنَ أَنْ يُخَرَّجَ عَلَيْهَا الْخِلَافُ فِي صُورَةِ الذَّكَاةِ فَمَنْ لَاحَظَ عَدَمَ الْفَضَلَاتِ فِي الْجَرَادِ وَغَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ لَمْ يُشْتَرَطْ الذَّكَاةُ فِيهَا وَجَعَلَ اسْتِخْرَاجَ الْفَضَلَاتِ أَصْلًا وَإِرَاحَةَ الْحَيَوَانِ تَبَعًا وَأَجَازَ مَيْتَةَ ذَلِكَ كُلِّهِ .
وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=87376أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ فَالدَّمَانِ الْكَبِدُ وَالطِّحَالُ وَالْمَيْتَتَانِ السَّمَكُ وَالْجَرَادُ } وَمَنْ لَاحَظَ سُرْعَةَ زَهُوقِ الرُّوحِ وَجَعَلَهُ أَصْلًا فِي نَفْسِهِ لَمْ يُجِزْهَا إلَّا بِذَكَاةٍ وَهُوَ مَشْهُورُ مَذْهَبِ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَمَنْ لَاحَظَ قَاعِدَةً أُخْرَى وَهُوَ إلْحَاقُ النَّادِرِ بِالْغَالِبِ فِي الشَّرِيعَةِ أَسْقَطَ ذَكَاةَ مَا يَعِيشُ فِي الْبَرِّ مِنْ دَوَابِّ الْبَحْرِ كَالتِّمْسَاحِ وَالتُّرْسِ وَغَيْرِهِمَا نَظَرًا لِغَالِبِهِ فَإِنَّهُ لَا يَعِيشُ فِي الْبَرِّ وَهُوَ مَشْهُورُ مَذْهَبِ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَمَنْ لَاحَظَ الْقَاعِدَةَ الْأُولَى وَجَعَلَ مَيْتَةَ الْبَحْرِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ لَمْ يُسْقِطْ الذَّكَاةَ فِي هَذَا النَّوْعِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ } وَهَذِهِ مَيْتَةٌ أَوْ يُلَاحِظُ قَاعِدَةً أُخْرَى وَهِيَ حَمْلُ اللَّفْظِ الْعَامِّ عَلَى سَبَبِهِ دُونَ عُمُومِهِ فَيَخْتَصُّ بِالْمَيْتَةِ الَّتِي وَرَدَتْ الْآيَةُ فِيهَا وَهِيَ الْمَيْتَةُ الَّتِي كَانُوا يَأْكُلُونَهَا مِنْ الْحَيَوَانِ الْبَرِيِّ وَيَقُولُونَ تَأْكُلُونَ مَا قَتَلْتُمْ وَلَا تَأْكُلُونَ مَا قَتَلَ اللَّهَ فَهَذِهِ الْقَوَاعِدُ وَالْأَسْرَارُ هِيَ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَوَاطِنِ وَلَمْ يَبْقَى مِنْهَا إلَّا ذَكَاةُ الْجَنِينِ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ قَالَ أَصْحَابُنَا إذَا لَمْ تَجْرِ فِيهِ حَيَاةٌ لَمْ تَصِحَّ فِيهِ ذَكَاةٌ لَا مِنْ قِبَلِهِ وَلَا مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ وَلَا يُؤْكَلُ وَإِنْ جَرَتْ فِيهِ الْحَيَاةُ وَعَلَامَةُ ذَلِكَ عِنْدَنَا كَمَالُ الْخَلْقِ وَنَبَاتُ الشَّعْرِ فَإِنْ ذُكِّيَتْ الْأُمُّ وَخَرَجَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ عَلَى الْفَوْرِ كَرِهَهُ
ابْنُ الْمَوَّازِ وَوَقَعَ فِي
nindex.php?page=showalam&ids=14009الْجَلَّابِ تَحْرِيمُهُ وَإِنْ اسْتَهَلَّ صَارِخًا انْفَرَدَ بِحُكْمِ نَفْسِهِ .
وَإِنْ لَمْ تُذَكَّ الْأُمُّ وَأَلْقَتْهُ مَيِّتًا لَمْ يُؤْكَلْ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ حَيًّا حَيَاةً لَا يَعِيشُ مَعَهَا عَلِمَ ذَلِكَ أَوْ شَكَّ فِيهِ وَإِنْ ذُكِّيَتْ الْأُمُّ فَخَرَجَ مَيِّتًا فَذَكَاتُهَا ذَكَاتُهُ وَقَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ ذَكَاةٍ تَخُصُّهُ وَلَا يَكْفِي فِيهِ ذَكَاةُ أُمِّهِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ أَنَّ ذَكَاةَ أُمِّهِ تُسَرِّعُ زَهُوقَ نَفْسِهِ بِسُهُولَةٍ فَإِنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهَا فَلَا يَحْتَاجُ إلَى ذَكَاةٍ أَوْ يُلَاحَظُ أَنَّهُ حَيَوَانٌ مُسْتَقِلُّ الْأَعْضَاءِ وَالْفَضَلَاتِ فَيَحْتَاجُ إلَى ذَكَاةٍ تَخُصُّهُ وَمَوْتُهُ بِمَوْتِ أُمِّهِ مَوْتٌ لَهُ بِالْغَمِّ وَالْآفَاتِ الْحَاصِلَةِ لَهُ فِي مَحَلِّهِ وَالْمَوْتُ بِذَلِكَ لَا يُبِيحُ فِي غَيْرِ صُورَةِ النِّزَاعِ فَكَذَلِكَ فِي صُورَةِ النِّزَاعِ فَهَذَا مَنْشَأُ الْخِلَافِ مِنْ حَيْثُ الْقَوَاعِدُ وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ النَّصُّ فَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11877ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ } خَرَّجَهُ
أَبُو دَاوُد يُرْوَى بِرَفْعِ الذَّكَاةِ الثَّانِيَةِ وَنَصْبِهَا فَنَحْنُ وَالشَّافِعِيَّةُ نَعْتَمِدُ عَلَى رِوَايَةِ الرَّفْعِ وَوَجْهُ الِاعْتِمَادِ عَلَيْهَا أَنَّ الْمُبْتَدَأَ يَجِبُ انْحِصَارُهُ فِي الْخَبَرِ وَالْمُبْتَدَأُ هُنَا ذَكَاةُ الْجَنِينِ فَتَنْحَصِرُ فِي زَكَاةِ أُمِّهِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى ذَكَاةٍ أُخْرَى وَإِلَّا لَمَّا انْحَصَرَتْ فِي ذَكَاةِ أُمِّهِ وَاعْتَمَدَ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى رِوَايَةِ النَّصْبِ وَالتَّقْدِيرُ لِوَجْهِ الْحُجَّةِ مِنْهَا أَنَّ هَذَا النَّصْبَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ عَامِلٍ يَقْتَضِي النَّصْبَ وَتَقْدِيرُهُ عِنْدَهُمْ ذَكَاةُ الْجَنِينِ أَنْ يُذَكَّى ذَكَاةً مِثْلَ
[ ص: 100 ] ذَكَاةِ أُمِّهِ فَحُذِفَ مِثْلُ الَّذِي هُوَ نَعْتٌ لِلْمَصْدَرِ الْمَحْذُوفِ وَهُوَ مُضَافٌ لِذَكَاةِ أُمِّهِ فَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَقَامَهُ فَأُعْرِبَ كَإِعْرَابِهِ بِالنَّصْبِ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْمُضَافَ إلَيْهِ مَتَى أُقِيمَ مَقَامَ الْمُضَافِ أُعْرِبَ كَإِعْرَابِهِ وَحُذِفَ النَّاصِبُ لِهَذَا الْمَصْدَرِ مَعَ الْمَصْدَرِ وَنَعْتِهِ وَبَقِيَ الْكَلَامُ كَمَا تَرَى فَهَذَا تَقْرِيرُ مَذْهَبِهِمْ .
وَوَجْهُ الْحُجَّةِ لَهُمْ مِنْ الْحَدِيثِ وَلَنَا عَنْهُ جَوَابٌ حَسَنٌ وَذَلِكَ أَنْ نَقُولَ مَا يَتَعَيَّنُ التَّقْدِيرُ فِيمَا ذَكَرْتُمُوهُ بَلْ يَصِحُّ النَّصْبُ بِتَقْدِيرٍ آخَرَ وَهُوَ قَوْلُنَا
nindex.php?page=treesubj&link=17023_17024_17025ذَكَاةُ الْجَنِينِ دَاخِلَةٌ فِي ذَكَاةِ أُمِّهِ فَيَكُونُ ذَكَاةُ أُمِّهِ مَنْصُوبًا عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ عَلَى السِّعَةِ أَوْ عَلَى الظَّرْفِ بِإِسْقَاطِ حَرْفِ الْجَرِّ وَكَانَ الْأَصْلُ فِي ذَكَاةِ أُمِّهِ فَحُذِفَ حَرْفُ الْجَرِّ فَانْتَصَبَ الْمَجْرُورُ وَهَذَا التَّقْدِيرُ أَوْلَى لِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمَحْذُوفَ حِينَئِذٍ يَكُونُ كَلِمَةً وَاحِدَةً وَهِيَ قَوْلُنَا دَاخِلَةٌ وَحَرْفُ الْجَرِّ إنْ قُلْنَا بِهِ وَأَمَّا عَلَى تَقْدِيرِكُمْ فَيَكُونُ الْمَحْذُوفُ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ وَلَا خِلَافَ أَنَّ قِلَّةَ الْحَذْفَ أَوْلَى فَيَكُونُ مَا ذَكَرْنَاهُ أَوْلَى وَثَانِيهِمَا أَنَّ تَقْدِيرَنَا يُؤَدِّي إلَى الْجَمْعِ بَيْنَ رِوَايَةِ النَّصْبِ وَالرَّفْعِ وَعَدَمِ التَّعَارُضِ وَمَا ذَكَرْتُمُوهُ يُفْضِي إلَى التَّعَارُضِ وَمَا أَفْضَى إلَى عَدَمِ التَّعَارُضِ كَانَ أَوْلَى فَمَا ذَكَرْنَاهُ أَوْلَى ( مَسْأَلَةٌ )
قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ nindex.php?page=treesubj&link=17027الدَّابَّةُ الَّتِي لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهَا إذَا طَالَ مَرَضُهَا أَوْ تَعِبَتْ مِنْ السَّيْرِ فِي أَرْضٍ لَا عَلَفَ فِيهَا ذَبْحُهَا أَوْلَى مِنْ بَقَائِهَا لِتَحْصُلَ رَاحَتُهَا مِنْ الْعَذَابِ وَقِيلَ تُعْقَرُ لِئَلَّا يُغْرِيَ النَّاسَ ذَبْحُهَا عَلَى أَكْلِهَا وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابْنُ وَهْبٍ لَا تُذْبَحُ وَلَا تُعْقَرُ لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ لِغَيْرِ مَأْكَلَةِ
( فَرْعٌ ) مُرَتَّبٌ إذَا
nindex.php?page=treesubj&link=27617تَرَكَهَا صَاحِبُهَا فَعَلَفَهَا غَيْرُهُ ثُمَّ وَجَدَهَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ هُوَ أَحَقُّ بِهَا لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ عَلَى تَرْكِهَا بِالِاضْطِرَارِ لِذَلِكَ وَيَدْفَعُ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا وَقِيلَ هِيَ لِعَالِفِهَا لِإِعْرَاضِ الْمَالِكِ عَنْهَا فَهَذَا هُوَ اسْتِيعَابُ هَذَا الْبَابِ بِعِلَلِهِ وَمَقَاصِدِهِ إذَا كَانَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ أَمَّا غَيْرُ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ وَهُوَ الصَّيْدُ فَلَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ فِي الْحَيَوَانِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ الْقَصْدَ إلَى اسْتِخْرَاجِ الدَّمِ الْحَرَامِ الْمُسْتَخْبَثِ مِنْ اللَّحْمِ الْحَلَالِ الطَّيِّبِ بِأَسْهَلِ الطُّرُقِ عَلَى تِلْكَ الْحَيَوَانَاتِ وَهُوَ فِيهَا مُمْكِنٌ بِآلَةٍ تَصْلُحُ لِذَلِكَ وَهَذَا كُلُّهُ مُتَيَسِّرٌ فِي الْإِنْسِيِّ .
وَقَدْ تَعَذَّرَ فِي الْوَحْشِيِّ اسْتِخْرَاجُ الدَّمِ وَسُهُولَةُ الطَّرِيقِ وَبَقِيَ الْقَصْدُ وَالْآلَةُ وَنَزَلَ السَّهْمُ مَنْزِلَةَ الْمُدْيَةِ لِضَرُورَةِ الْفِرَارِ وَالتَّوَحُّشُ فَهُوَ فِي الرُّتْبَةِ الثَّانِيَةِ وَيَلِيهِ فِي الرُّتْبَةِ الثَّالِثَةِ الْجَارِحُ لِأَنَّهُ لَهُ اخْتِيَارٌ يَبْعُدُ بِسَبَبِهِ عَنْ كَوْنِهِ آلَةً لِأَنَّهُ يَجُوزُ لِنَفْسِهِ لَكِنْ عَارَضَ كَوْنُهُ مُخْتَارًا عَدَمَ الْعَقْلِ فِيهِ فَعَدَمُ عَقْلِهِ مُخِلٌّ بِاخْتِيَارِهِ مُضَافًا إلَى التَّعْلِيمِ الْحَاصِلِ فِيهِ وَالْأَوْهَامُ الَّتِي حَصَّلَهَا فِيهِ الْآدَمِيُّ بِسَبَبِ التَّعْلِيمِ وَالسِّيَاسَةِ الْخَاصَّةِ فَصَارَ ذَلِكَ مُقَرَّبًا لِكَوْنِهِ آلَةً لَهُ وَلِذَلِكَ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ الْمَجُوسِيُّ آلَةً لِعَقْلِهِ وَكَمَالِ اخْتِيَارِهِ وَإِنْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى جَعَلَ ذَبِيحَتَهُ مَيْتَةً كَافْتِرَاسِ الْوُحُوشِ كَمَا جَعَلَ نِسَائَهُمْ كَالْبَهَائِمِ يَحْرُمُ وَطْؤُهُنَّ بِسَبَبِ عَدَمِ تَعْظِيمِهِمْ الْكُتُبَ الْإِلَهِيَّةَ وَالرُّسُلَ الرَّبَّانِيَّةَ فَاهْتُضِمُوا إلَى حَيْثُ جُعِلُوا كَالْبَهَائِمِ
[ ص: 101 ] وَمَيَّزَ
أَهْلَ الْكِتَابِ عَلَيْهِمْ لِتَعْظِيمِهِمْ الرُّسُلَ وَالرَّسَائِلَ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ