( الفرق الرابع والتسعون والمائة بين قاعدة ما يسد من الذرائع وقاعدة ما لا يسد منهما )
اعلم أن الذريعة هي الوسيلة للشيء وهي ثلاثة أقسام منها ما أجمع الناس على سده ومنها ما أجمعوا على عدم سده ومنها ما اختلفوا فيه ، فالمجمع على عدم سده كالمنع من زراعة العنب خشية الخمر والتجاور في البيوت خشية الزنا فلم يمنع شيء من ذلك ، ولو كان وسيلة للمحرم ، وما أجمع على سده كالمنع من سب الأصنام عند من يعلم أنه يسب الله تعالى حينئذ ، وكحفر الآبار في طرق المسلمين إذا علم وقوعهم فيها أو ظن وإلقاء السم في أطعمتهم إذا علم أو ظن أنهم يأكلونها فيهلكون والمختلف فيه كالنظر إلى المرأة ؛ لأنه ذريعة للزنا ، وكذلك الحديث معها ومنها بيوع الآجال عند
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رحمه الله ويحكى عن المذهب المالكي اختصاصه بسد الذرائع ، وليس كذلك ، بل منها ما أجمع عليه كما تقدم وحينئذ يظهر عدم فائدة استدلال الأصحاب على الشافعية في سد الذرائع بقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=108 : ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم } وبقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=65ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت } فذمهم لكونهم تذرعوا للصيد يوم السبت المحرم عليهم بحبس الصيد يوم الجمعة وبقوله عليه السلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=32423لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها } وبإجماع الأمة على جواز البيع والسلف مفترقين وتحريمهما مجتمعين لذريعة الربا ، ولقوله عليه السلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=87437لا يقبل الله شهادة خصم ولا ظنين } خشية الشهادة بالباطل ومنع شهادة الآباء للأبناء والعكس ، فهذه وجوه كثيرة يستدلون بها وهي لا تفيد فإنها تدل على اعتبار الشرع سد الذرائع في الجملة ، وهذا مجمع عليه وإنما النزاع في الذرائع خاصة وهي بيوع الآجال ونحوها فينبغي أن تذكر أدلة خاصة لمحل النزاع وإلا فهذه لا تفيد وإن قصدوا القياس على هذه الذرائع المجمع عليها فينبغي أن يكون حجتهم القياس خاصة ويتعين حينئذ عليهم إبداء الجامع
[ ص: 267 ] حتى يتعرض الخصم لدفعه بالفارق ويكون دليلهم شيئا واحدا وهو القياس وهم لا يعتقدون أن مدركهم هذه النصوص ، وليس كذلك فتأمل ذلك ، بل يتعين أن يذكروا نصوصا أخر خاصة
nindex.php?page=treesubj&link=4777بذرائع بيوع الآجال خاصة ويقتصرون عليها ، نحو ما في الموطإ أن
أم ولد زيد بن أرقم قالت
لعائشة رضي الله عنها يا أم المؤمنين إني بعت من
nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم عبدا بثمانمائة درهم إلى العطاء واشتريته بستمائة نقدا فقالت
عائشة رضي الله عنها بئس ما شريت وبئس ما اشتريت أخبري زيد بن أرقم أنه أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يتوب قالت أرأيتني إن أخذته برأس مالي فقالت
عائشة رضي الله عنها {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله } فهذه هي صورة النزاع ، وهذا التغليظ العظيم لا تقوله رضي الله عنها إلا عن توقيف فتكون هذه الذرائع واجبة السد وهو المقصود
( سؤال )
nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم من خيار الصحابة والصحابة رضي الله عنهم كلهم عدول سادة أتقياء فكيف يليق به فعل ما يقال فيه ذلك
( جوابه ) قال صاحب المقدمات
أبو الوليد بن رشد هذه المبايعة كانت بين
أم ولد زيد بن أرقم ومولاها قبل العتق فيتخرج قول
عائشة رضي الله عنها على تحريم الربا بين السيد وعبده مع القول بتحريم هذه الذرائع ولعل
nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم لا يعتقد تحريم الربا بين السيد وعبده قال ولا يحل لمسلم أن يعتقد في
زيد أنه وطئ أم ولده على شراء الذهب بالذهب متفاضلا إلى أجل
( سؤال ) إذا قلنا بالتحريم على رأي
عائشة رضي الله عنها فما معنى إحباط الجهاد وإحباط الأعمال لا يكون إلا بالشرك
( جوابه ) أن الإحباط إحباطان إحباط إسقاط وهو إحباط الكفر للأعمال الصالحة فلا يفيد شيء منها معه وإحباط موازنة وهو وزن العمل الصالح بالسيئ فإن رجح السيئ فأمه هاوية والصالح فهو في عيشة راضية كلاهما معتبر غير أنه يعتبر أحدهما بالآخر ومع الكفر لا عبرة ألبتة فالإحباط في الأثر إحباط موازنة بقي كيف يحبط هذا الفعل جملة ثواب الجهاد
قلت له معنيان
( أحدهما ) أن المراد المبالغة في الإنكار لا التحقيق
( وثانيها ) أن مجموع الثواب المتحصل من الجهاد ليس باقيا بعد هذه السببية ، بل بعضه ، فيكون الإحباط في المجموع من حيث هو مجموع وظاهر الإحباط والتوبة أنه معصية أما يترك التعلم لحال هذا العقد قبل القدوم عليه ؛ لأنه اجتهد فيه ورأت أن اجتهاده مما يجب نقضه وعدم إقراره فلا يكون حجة له أو هو ممن يقتدى به
[ ص: 268 ] فخشيت أن يقتدي به الناس فينفتح باب الربا بسببه ، فيكون ذلك في صحيفته فيعظم الإحباط في حقه ومن هذا الباب في الإحباط قوله عليه السلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=36027من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله } أي بالموازنة ووافقنا
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=12251وابن حنبل في سد
nindex.php?page=treesubj&link=4777_4896ذرائع بيوع الآجال التي هي صورة النزاع وإن خالفنا في تفصيل بعضها .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة يمتنع
nindex.php?page=treesubj&link=4438بيع السلعة من أب البائع بما تمتنع به من البائع وخالفنا
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه واحتج بقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275وأحل الله البيع وحرم الربا } وبما جاء في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=87438أتي بتمر جنيب فقال أتمر خيبر كله هكذا فقالوا إنا نبتاع الصاع بالصاعين من تمر الجمع فقال عليه السلام لا تفعلوا هذا ، ولكن بيعوا تمر الجمع بالدراهم واشتروا بالدراهم جنيبا } فهو بيع صاع بصاعين وإنما توسط بينهما عقد الدراهم فأبيح والجواب عن الأول أن ما ذكرناه خاص وما ذكرتموه عام والخاص مقدم على العام على ما تقرر في علم الأصول ، وعن الثاني إنا إنما امتنع أن يكون العقد الثاني من البائع الأول ، وليس ذلك مذكورا في الخبر مع أن بيع النقد إذا تقابضا فيه ضعفت التهمة وإنما المنع حيث تقوى واحتج أيضا بأن العقد المقتضي للفساد لا يكون فاسدا إذا صحت أركانه كبيع السيف من قاطع الطريق والعنب من الخمار مع أن الفساد في قطع الطريق أعظم من سلف جر نفعا لما فيه من ذهاب النفوس والأموال ، وجوابه أن الفساد ليس مقصودا للقصد بالذات بخلاف عقود صور النزاع فإن تلك الأعراض الفاسدة هي الباعثة على العقد ؛ لأنه المحصل لها والبيع ليس محصلا لقطع الطريق وعمل الخمر .
( الْفَرْقُ الرَّابِعُ وَالتِّسْعُونَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يُسَدُّ مِنْ الذَّرَائِعِ وَقَاعِدَةِ مَا لَا يُسَدُّ مِنْهُمَا )
اعْلَمْ أَنَّ الذَّرِيعَةَ هِيَ الْوَسِيلَةُ لِلشَّيْءِ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مِنْهَا مَا أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى سَدِّهِ وَمِنْهَا مَا أَجْمَعُوا عَلَى عَدَمِ سَدِّهِ وَمِنْهَا مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ، فَالْمُجْمَعُ عَلَى عَدَمِ سَدِّهِ كَالْمَنْعِ مِنْ زِرَاعَةِ الْعِنَبِ خَشْيَةَ الْخَمْرِ وَالتَّجَاوُرِ فِي الْبُيُوتِ خَشْيَةَ الزِّنَا فَلَمْ يُمْنَعْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ ، وَلَوْ كَانَ وَسِيلَةً لِلْمُحَرَّمِ ، وَمَا أُجْمِعَ عَلَى سَدِّهِ كَالْمَنْعِ مِنْ سَبِّ الْأَصْنَامِ عِنْدَ مَنْ يُعْلَمُ أَنَّهُ يَسُبُّ اللَّهَ تَعَالَى حِينَئِذٍ ، وَكَحَفْرِ الْآبَارِ فِي طُرُقِ الْمُسْلِمِينَ إذَا عَلِمَ وُقُوعَهُمْ فِيهَا أَوْ ظَنَّ وَإِلْقَاءِ السُّمِّ فِي أَطْعِمَتِهِمْ إذَا عَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُمْ يَأْكُلُونَهَا فَيَهْلَكُونَ وَالْمُخْتَلَفِ فِيهِ كَالنَّظَرِ إلَى الْمَرْأَةِ ؛ لِأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ لِلزِّنَا ، وَكَذَلِكَ الْحَدِيثُ مَعَهَا وَمِنْهَا بُيُوعُ الْآجَالِ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَيُحْكَى عَنْ الْمَذْهَبِ الْمَالِكِيِّ اخْتِصَاصُهُ بِسَدِّ الذَّرَائِعِ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، بَلْ مِنْهَا مَا أُجْمِعَ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَحِينَئِذٍ يَظْهَرُ عَدَمُ فَائِدَةِ اسْتِدْلَالِ الْأَصْحَابِ عَلَى الشَّافِعِيَّةِ فِي سَدِّ الذَّرَائِعِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=108 : وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ } وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=65وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ } فَذَمَّهُمْ لِكَوْنِهِمْ تَذَرَّعُوا لِلصَّيْدِ يَوْمَ السَّبْتِ الْمُحَرَّمِ عَلَيْهِمْ بِحَبْسِ الصَّيْدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَبِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=32423لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الشُّحُومُ فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا } وَبِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ عَلَى جَوَازِ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ مُفْتَرِقَيْنِ وَتَحْرِيمُهُمَا مُجْتَمِعَيْنِ لِذَرِيعَةِ الرِّبَا ، وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=87437لَا يَقْبَلُ اللَّهُ شَهَادَةَ خَصْمٍ وَلَا ظَنِينٍ } خَشْيَةَ الشَّهَادَةِ بِالْبَاطِلِ وَمَنَعَ شَهَادَةَ الْآبَاءِ لِلْأَبْنَاءِ وَالْعَكْسَ ، فَهَذِهِ وُجُوهٌ كَثِيرَةٌ يَسْتَدِلُّونَ بِهَا وَهِيَ لَا تُفِيدُ فَإِنَّهَا تَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ الشَّرْعِ سَدَّ الذَّرَائِعِ فِي الْجُمْلَةِ ، وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي الذَّرَائِعِ خَاصَّةً وَهِيَ بُيُوعُ الْآجَالِ وَنَحْوِهَا فَيَنْبَغِي أَنْ تُذْكَرَ أَدِلَّةٌ خَاصَّةٌ لِمَحَلِّ النِّزَاعِ وَإِلَّا فَهَذِهِ لَا تُفِيدُ وَإِنْ قَصَدُوا الْقِيَاسَ عَلَى هَذِهِ الذَّرَائِعِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حُجَّتُهُمْ الْقِيَاسَ خَاصَّةً وَيَتَعَيَّنُ حِينَئِذٍ عَلَيْهِمْ إبْدَاءُ الْجَامِعِ
[ ص: 267 ] حَتَّى يَتَعَرَّضَ الْخَصْمُ لِدَفْعِهِ بِالْفَارِقِ وَيَكُونُ دَلِيلُهُمْ شَيْئًا وَاحِدًا وَهُوَ الْقِيَاسُ وَهُمْ لَا يَعْتَقِدُونَ أَنَّ مُدْرِكَهُمْ هَذِهِ النُّصُوصُ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ ، بَلْ يَتَعَيَّنُ أَنْ يَذْكُرُوا نُصُوصًا أُخَرَ خَاصَّةً
nindex.php?page=treesubj&link=4777بِذَرَائِعِ بُيُوعِ الْآجَالِ خَاصَّةً وَيَقْتَصِرُونَ عَلَيْهَا ، نَحْوُ مَا فِي الْمُوَطَّإِ أَنَّ
أُمَّ وَلَدِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَتْ
لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ إنِّي بِعْت مِنْ
nindex.php?page=showalam&ids=68زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ عَبْدًا بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ إلَى الْعَطَاءِ وَاشْتَرَيْته بِسِتِّمِائَةٍ نَقْدًا فَقَالَتْ
عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِئْسَ مَا شَرَيْت وَبِئْسَ مَا اشْتَرَيْت أَخْبِرِي زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ أَنَّهُ أَبْطَلَ جِهَادَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا أَنْ يَتُوبَ قَالَتْ أَرَأَيْتنِي إنْ أَخَذْته بِرَأْسِ مَالِي فَقَالَتْ
عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إلَى اللَّهِ } فَهَذِهِ هِيَ صُورَةُ النِّزَاعِ ، وَهَذَا التَّغْلِيظُ الْعَظِيمُ لَا تَقُولُهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إلَّا عَنْ تَوْقِيفٍ فَتَكُونُ هَذِهِ الذَّرَائِعُ وَاجِبَةَ السَّدِّ وَهُوَ الْمَقْصُودُ
( سُؤَالٌ )
nindex.php?page=showalam&ids=68زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ مِنْ خِيَارِ الصَّحَابَةِ وَالصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كُلُّهُمْ عُدُولٌ سَادَةٌ أَتْقِيَاءُ فَكَيْفَ يَلِيقُ بِهِ فِعْلُ مَا يُقَالُ فِيهِ ذَلِكَ
( جَوَابُهُ ) قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ
أَبُو الْوَلِيدِ بْنُ رُشْدٍ هَذِهِ الْمُبَايَعَةُ كَانَتْ بَيْنَ
أُمِّ وَلَدِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَمَوْلَاهَا قَبْلَ الْعِتْقِ فَيَتَخَرَّجُ قَوْلُ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَلَى تَحْرِيمِ الرِّبَا بَيْنَ السَّيِّدِ وَعَبْدِهِ مَعَ الْقَوْلِ بِتَحْرِيمِ هَذِهِ الذَّرَائِعِ وَلَعَلَّ
nindex.php?page=showalam&ids=68زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ لَا يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَ الرِّبَا بَيْنَ السَّيِّدِ وَعَبْدِهِ قَالَ وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَعْتَقِدَ فِي
زَيْدٍ أَنَّهُ وَطِئَ أُمَّ وَلَدِهِ عَلَى شِرَاءِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ مُتَفَاضِلًا إلَى أَجَلٍ
( سُؤَالٌ ) إذَا قُلْنَا بِالتَّحْرِيمِ عَلَى رَأْيِ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَمَا مَعْنَى إحْبَاطِ الْجِهَادِ وَإِحْبَاطُ الْأَعْمَالِ لَا يَكُونُ إلَّا بِالشِّرْكِ
( جَوَابُهُ ) أَنَّ الْإِحْبَاطَ إحْبَاطَانِ إحْبَاطُ إسْقَاطٍ وَهُوَ إحْبَاطُ الْكُفْرِ لِلْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فَلَا يُفِيدُ شَيْءٌ مِنْهَا مَعَهُ وَإِحْبَاطُ مُوَازَنَةٍ وَهُوَ وَزْنُ الْعَمَلِ الصَّالِحِ بِالسَّيِّئِ فَإِنْ رَجَحَ السَّيِّئُ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ وَالصَّالِحُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ كِلَاهُمَا مُعْتَبَرٌ غَيْرَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ وَمَعَ الْكُفْرِ لَا عِبْرَةَ أَلْبَتَّةَ فَالْإِحْبَاطُ فِي الْأَثَرِ إحْبَاطُ مُوَازَنَةٍ بَقِيَ كَيْفَ يُحْبِطُ هَذَا الْفِعْلُ جُمْلَةَ ثَوَابِ الْجِهَادِ
قُلْت لَهُ مَعْنَيَانِ
( أَحَدُهُمَا ) أَنَّ الْمُرَادَ الْمُبَالَغَةُ فِي الْإِنْكَارِ لَا التَّحْقِيقُ
( وَثَانِيهَا ) أَنَّ مَجْمُوعَ الثَّوَابِ الْمُتَحَصِّلِ مِنْ الْجِهَادِ لَيْسَ بَاقِيًا بَعْدَ هَذِهِ السَّبَبِيَّةِ ، بَلْ بَعْضُهُ ، فَيَكُونُ الْإِحْبَاطُ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَجْمُوعٌ وَظَاهِرُ الْإِحْبَاطِ وَالتَّوْبَةِ أَنَّهُ مَعْصِيَةٌ أَمَّا يَتْرُكُ التَّعَلُّمَ لِحَالِ هَذَا الْعَقْدِ قَبْلَ الْقُدُومِ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ اجْتَهَدَ فِيهِ وَرَأَتْ أَنَّ اجْتِهَادَهُ مِمَّا يَجِبُ نَقْضُهُ وَعَدَمُ إقْرَارِهِ فَلَا يَكُونُ حُجَّةً لَهُ أَوْ هُوَ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ
[ ص: 268 ] فَخَشِيَتْ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ النَّاسُ فَيَنْفَتِحَ بَابُ الرِّبَا بِسَبَبِهِ ، فَيَكُونُ ذَلِكَ فِي صَحِيفَتِهِ فَيَعْظُمُ الْإِحْبَاطُ فِي حَقِّهِ وَمِنْ هَذَا الْبَابِ فِي الْإِحْبَاطِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=36027مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ } أَيْ بِالْمُوَازَنَةِ وَوَافَقَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=12251وَابْنُ حَنْبَلٍ فِي سَدِّ
nindex.php?page=treesubj&link=4777_4896ذَرَائِعِ بُيُوعِ الْآجَالِ الَّتِي هِيَ صُورَةُ النِّزَاعِ وَإِنْ خَالَفَنَا فِي تَفْصِيلِ بَعْضِهَا .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ يَمْتَنِعُ
nindex.php?page=treesubj&link=4438بَيْعُ السِّلْعَةِ مِنْ أَبِ الْبَائِعِ بِمَا تَمْتَنِعُ بِهِ مِنْ الْبَائِعِ وَخَالَفَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا } وَبِمَا جَاءَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=87438أُتِيَ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ فَقَالَ أَتَمْرُ خَيْبَرُ كُلُّهُ هَكَذَا فَقَالُوا إنَّا نَبْتَاعُ الصَّاعَ بِالصَّاعَيْنِ مِنْ تَمْرِ الْجَمْعِ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا تَفْعَلُوا هَذَا ، وَلَكِنْ بِيعُوا تَمْرَ الْجَمْعِ بِالدَّرَاهِمِ وَاشْتَرُوا بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا } فَهُوَ بَيْعُ صَاعٍ بِصَاعَيْنِ وَإِنَّمَا تَوَسَّطَ بَيْنَهُمَا عَقْدُ الدَّرَاهِمِ فَأُبِيحَ وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ خَاصٌّ وَمَا ذَكَرْتُمُوهُ عَامٌّ وَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ ، وَعَنْ الثَّانِي إنَّا إنَّمَا امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ الثَّانِي مِنْ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مَذْكُورًا فِي الْخَبَرِ مَعَ أَنَّ بَيْعَ النَّقْدِ إذَا تَقَابَضَا فِيهِ ضَعُفَتْ التُّهْمَةُ وَإِنَّمَا الْمَنْعُ حَيْثُ تَقْوَى وَاحْتَجَّ أَيْضًا بِأَنَّ الْعَقْدَ الْمُقْتَضِيَ لِلْفَسَادِ لَا يَكُونُ فَاسِدًا إذَا صَحَّتْ أَرْكَانُهُ كَبَيْعِ السَّيْفِ مِنْ قَاطِعِ الطَّرِيقِ وَالْعِنَبِ مِنْ الْخَمَّارِ مَعَ أَنَّ الْفَسَادَ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ أَعْظَمُ مِنْ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا لِمَا فِيهِ مِنْ ذَهَابِ النُّفُوسِ وَالْأَمْوَالِ ، وَجَوَابُهُ أَنَّ الْفَسَادَ لَيْسَ مَقْصُودًا لِلْقَصْدِ بِالذَّاتِ بِخِلَافِ عُقُودِ صُوَرِ النِّزَاعِ فَإِنَّ تِلْكَ الْأَعْرَاضَ الْفَاسِدَةَ هِيَ الْبَاعِثَةُ عَلَى الْعَقْدِ ؛ لِأَنَّهُ الْمُحَصِّلُ لَهَا وَالْبَيْعُ لَيْسَ مُحَصِّلًا لِقَطْعِ الطَّرِيقِ وَعَمَلِ الْخَمْرِ .